للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطِ فقَد دخَل ابتِداءً على أنَّه مُخيَّرٌ، فغَرَرُه خَفيفٌ (١).

وذهَب الحَنابِلةُ إلى أنَّه يَصحُّ تَوقيتُ الجَعالةِ بمُدَّةٍ، كَأنْ قالَ: إنْ وَجَدتَها في شَهرٍ، أو مَنْ رَدَّ عَبدي مِنْ البَصرةِ في هذا الشَّهرِ، فله كذا، ويَصحُّ الجَمعُ بينَ تَقديرِ المُدَّةِ والعَملِ، كَأنْ قالَ: مَنْ خاطَ قَميصي في هذا اليَومِ فله دِرهَمٌ، أو مَنْ بَنَى لي هذا الحائِطَ في هذا اليَومِ فله دِينارٌ، ونحوَ ذلك، صَحَّ؛ نَظَرًا لِإطلاقِ كَلامِه؛ لِاحتِمالِ الغَرَرِ فيها، بخِلافِ الإجارةِ على الصَّحيحِ؛ لأنَّ المُدَّةَ إذا جازَتْ مَجهولةً فمَع التَّقديرِ أَوْلَى، فإنْ أتَى به في المُدَّةِ استَحقَّ الجُعلَ، ولَم يَلزَمْه شَيءٌ آخَرُ، وإنْ لَم يَفِ به فيها، فلا يَلزَمُه شَيءٌ له. وإذا أتَمَّ العَملَ قبلَ انقِضاءِ المُدَّةِ؛ لَم يَلزَمْه العَملُ في بَقيَّتِها؛ لأنَّه وَفَّى ما عليه قبلَ مُدَّتِه، فلَمْ يَلزَمْه شَيءٌ آخَرُ، كَقَضاءِ الدَّيْنِ قبلَ أجَلِه، وإنْ مَضَتِ المُدَّةُ قبلَ العَملِ؛ فلِلمُستأجِرِ فَسخُ الإجارةِ؛ لأنَّ الأجيرَ لَم يَفِ له بشَرطِه، فإنْ رَضيَ بالبَقاءِ عليه لَم يَملِكِ الأجيرُ الفَسخَ؛ لأنَّ الإخلالَ بالشَّرطِ مِنه، فلا يَكونُ ذلك وَسيلةً إلى الفَسخِ، فإنِ اختارَ إمضاءَ العَقدِ طالَبَه بالعَملِ، لا غيرُ؛ كالمُسلِّمِ إذا صَبَرَ عندَ تَعَذُّرِ المُسلَّمِ فيه إلى حِينِ وُجودِهِ؛ لَم يَكُنْ له أكثَرُ مِنْ المُسلَّمِ فيه، وإنْ فسَخ العَقدَ قبلَ العَملِ؛ سقَط


(١) «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦٢)، و «المختصر الفقهي» (١٢/ ٣٩٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٢، ٤٣٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٢)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣١٣)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦١٨)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>