الثَّاني: أنَّ الجَعالةَ عَقدٌ جائِزٌ، فلا يَلزَمُه بالدُّخولِ فيها مَع الغَرَرِ ضَرَرٌ، بخِلافِ الإجارةِ، فإنَّها عَقدٌ لَازِمٌ؛ فإذا دخَل فيها مَع الغَرَرِ لَزِمَه ذلك.
الثَّالثُ: أنَّ الإجارةَ إذا قُدِّرَتْ بمُدَّةٍ لَزِمَه العَملُ في جَميعِها، ولا يَلزَمُه العَملُ بعدَها؛ فإذا جَمَع بينَ تَقديرِ المُدَّةِ والعَملِ فرُبَّما عمِله قبلَ المُدَّةِ، فإنْ قُلْنا: يَلزَمُه العَملُ في بَقيَّةِ المُدَّةِ فقَد لَزِمَه مِنْ العَملِ أكثَرُ مِنْ المَعقودِ عليه، وإنْ قُلْنا: لَا يَلزَمُه فقَد خَلَا بعضُ المُدَّةِ مِنْ العَملِ، فإنِ انقَضَتِ المُدَّةُ قبلَ عَملِه فألزَمْناه إتمامَ العَملِ فقَد لَزِمَه العَملُ في غيرِ المُدَّةِ المَعقودِ عليها، وإنْ قُلْنا: لَا يَلزَمُه العَملُ فما أتَى بالمَعقودِ عليه مِنْ العَملِ بخِلافِ مَسألَتِنا، فإنَّ العَملَ الذي يَستحقُّ به الجُعلَ هو عَمَلٌ مُقيَّدٌ بمُدَّةٍ، إنْ أتَى به استَحقَّ الجُعلَ، ولا يَلزَمُه شَيءٌ آخَرُ، وإنْ لَم يَفِ به فيها فلا شَيءَ له (١).
(١) «المغني» (٦/ ٢١)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٣٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٥٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨٤).