للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه لَم يُسلِّمْه له مَجَّانًا، بَلْ على أنَّه عِوَضٌ. اه (١).

وَيُفرَّقُ بينَه -أي: بينَ امتِناعِ التَصرُّفِ على العامِلِ-، وبينَ الإجارةِ، بأنَّه ثم ملَكه بالعَقدِ، وهُنا لا يَملِكُه إلَّا بالعَملِ.

التَّاسعُ: عَدمُ اشتِراطِ قَبْضِهِ -أي: الجُعلِ- في المَجلِسِ مُطلَقًا، أي: مُعيَّنًا، أو في الذِّمةِ عندَ الشَّافِعيَّةِ، وكذا عندَ المالِكيَّةِ، قالَ المالِكيَّةُ: يُشترَطُ لصحَّةِ الجَعالةِ عَدمُ شَرطِ النَّقدِ لِلجُعلِ؛ لِتَردُّدِه بينَ السَّلَفِيَّةِ والثَّمَنِيَّةِ، وأمَّا تَعجيلُه بلا شَرطٍ، بَلْ تَطوُّعًا، فلا يَفسُدُ، ووَجهُ ذلك أنَّه قَدْ لا يَتمُّ ما جُعِلَ له عليه، فيُرَدُّ ما قُبِضَ، وقَد يَتمُّ، فيَصيرُ له، فتارةً يَكونُ جُعلًا، وتارةً يَكونُ سَلَفًا، وذلك يَمنَعُ صِحَّتَه (٢).

العاشِرُ: يَجوزُ أنْ يَكونَ الجُعْلُ -العِوَضُ- مَجهولًا، إنْ لَم يُمنَعِ التَّسليمُ في احتِمالٍ لِلحَنابِلةِ، قالَ ابنُ قُدامةَ: ويُحتمَلُ أنْ تَجوزَ الجَعالةُ مَع جَهالةِ العِوَضِ، إذا كانَتِ الجَهالةُ لا تَمنَعُ التَّسليمَ، نحوَ أنْ يَقولَ: مَنْ رَدَّ عَبدي الآبِقَ فله نِصفُه، ومَن رَدَّ ضالَّتي فله ثُلُثُها، فإنَّ أحمدَ قالَ: إذا قالَ الأميرُ في الغَزوِ: مَنْ جاءَ بعَشَرةِ رُؤوسٍ فله رَأْسٌ، جازَ، وقالوا: إذا جعَل جُعلًا لمَن يَدُلُّه على قَلْعةٍ أو طَريقٍ سَهلٍ، وكانَ الجُعْلُ مِنْ مالِ الكُفَّارِ، جازَ أنْ يَكونَ مَجهولًا، كَجاريةٍ يُعيِّنُها العامِلُ، فتَخرُجُ ههُنا مثلَه، فأمَّا إنْ كانَتِ الجَهالةُ تَمنَعُ التَّسليمَ لَم تَصِحَّ الجَعالةُ وَجهًا واحِدًا (٣)، وهو أيضًا قَولٌ


(١) «حاشية الشَّبرامُلسي على نهاية المحتاج» (٥/ ٥٣٣).
(٢) «المنتقى» (٥/ ١١١)، و «الشَّرح الصغير» (٩/ ١٠٣، ١٠٥).
(٣) «المغني» (٦/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>