للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَجِبُ أُجرةُ المِثلِ؛ لأنَّ البَدَلَ لَمَّا وجبَ ولا تَسميةَ في هذه المدَّةِ، لَم يكُنْ هناك إلَّا أُجرةُ المِثلِ (١).

وقالَ الكاسانيُّ : يَنتَهي عَقدُ الإجارةِ بمَوتِ مَنْ وقعَ له الإجارةُ إلَّا لِعُذرٍ عِندَنا.

وَعِنْدَ الشافِعيِّ: لا تَبطُلُ بالمَوتِ، كَبَيعِ العَينِ.

والكَلامُ فيه على أصْلٍ ذَكَرناه في كَيفيَّةِ انعِقادٍ هذا العَقدِ، وهو أنَّ الإجارةَ عِندَنا تَنعقِدُ ساعةً فساعةً على حَسَبِ حُدوثِ المَنافِعِ شَيئًا فشَيئًا، وإذا كانَ كذلك فما يَحدُثُ مِنْ المَنافِعِ في يَدِ الوارِثِ لَم يَملِكْها المُورِّثُ لِعَدَمِها، والمِلْكُ صِفةُ المَوجودِ، لا المَعدومِ، فلا يَملِكُها الوارِثُ؛ إذِ الوارِثُ إنَّما يَملِكُ ما كانَ على مِلْكِ المُورِّثِ، فما لَم يَملِكْه يَستَحيلُ وِراثَتُه، بخِلافِ بَيعِ العَينِ؛ لأنَّ العَينَ مِلْكٌ قائِمٌ بنَفْسِه، ملكَه المُورِّثُ إلى وَقتِ المَوتِ، فجازَ أنْ يَنتقِلَ منه إلى الوارِثِ؛ لأنَّ المَنافِعَ لا تُملَكُ إلَّا بالعَقدِ، وما يَحدُثُ مِنها في يَدِ الوارِثِ لَم يُعقَدْ عليه رَأْسًا؛ لأنَّها كانَتْ مَعدومةً حالَ حَياةِ المُورِّثِ، والوارِثُ لَم يَعقِدْ عليها، فلا يثبُتُ المِلْكُ فيها لِلوارِثِ.

وَعِنْدَ الشافِعيِّ: مَنافِعُ المدَّةِ تُجعَلُ مَوجودةً لِلحالِ، كَأنَّها أعيانٌ قائِمةٌ، فأشبَهَ بَيعَ العَينِ، والبَيعُ لا يَبطُلُ بمَوتِ أحَدِ المُتبايِعَيْنِ، كَذا


(١) «العناية شرح الهداية» (١٢/ ٤٦٦، ٤٦٧)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٧٦، ٣٧٧)، و «الاختيار» (٣/ ٧٣)، و «اللباب» (١/ ٤٩٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٤، ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>