للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارةُ، وعَلَى هذا يَخرُجُ ما إذا أجَّرَ رَجُلانِ دارًا مِنْ رَجُلٍ ثم ماتَ أحَدُ المُؤاجِرَيْنِ، أنَّ الإجارةَ تَبطُلُ في نَصيبِه عِندَنا، وتَبقَى في نَصيبِ الحَيِّ على حالِها؛ لأنَّ هذا (شيوعٌ) طارِئٌ، وأنَّه لا يُؤثِّرُ في العَقدِ في الرِّوايةِ المَشهورةِ لِمَا بيَّنَّا فيما تَقدَّمَ.

وَكذلك لَوِ استَأجَرَ رَجُلانِ مِنْ رَجُلٍ دارًا فماتَ أحَدُ المُستَأجِرَيْنِ، فإنْ رَضيَ الوارِثُ بالبَقاءِ على العَقدِ ورَضيَ العاقِدُ أيضًا، جازَ، ويَكونُ ذلك بمَنزِلةِ عَقدٍ مُبتَدَأٍ، ولَو ماتَ الوَكيلُ بالعَقدِ لا تَبطُلُ الإجارةُ؛ لأنَّ العَقدَ لَم يَقَعْ لَه، وإنَّما هو عاقِدٌ، وكَذا لَو ماتَ الأبُ أوِ الوَصيُّ، لِمَا قُلْنا، وكَذا لَو ماتَ أبو الصَّبِيِّ في استِئجارِ الظِّئرِ لا تُنقَضُ الإجارةُ؛ لأنَّ الإجارةَ وَقَعَتْ لِلصَّبِيِّ والظِّئرِ، وهُمَا قائِمانِ، ولَو ماتَ الظِّئرُ انتَقضَتِ الإجارةُ، وكَذا لَو ماتَ الصَّبيُّ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهما مَعقودٌ لَه.

والأصلُ أنَّ الإجارةَ تَبطُلُ بمَوتِ المَعقودِ لَه، ولا تَبطُلُ بمَوتِ العاقِدِ، وإنَّما كانَ كذلك لأنَّ استِيفاءَ العَقدِ بعدَ مَوتِ مَنْ وقعَ له العَقدُ يُوجِبُ تَغييرَ مُوجِبِ العَقدِ؛ لأنَّ مَنْ وقعَ له إنْ كانَ هو المُؤاجِرَ فالعَقدُ يَقتَضي استِيفاءَ المَنافِعِ مِنْ مِلْكِه، ولَو بَقَّيْناه بعدَ مَوتِه لَاستُوفِيَت المَنافِعُ مِنْ مِلْكِ غَيرِه، وهذا خِلافُ مُقتَضَى العَقدِ، وإنْ كانَ هو المُستَأجِرَ فالعَقدُ يَقتَضي استِحقاقَ الأُجرةِ مِنْ مالِه، ولَو بَقَّيْنا العَقدَ بعدَ مَوتِه لَاستُحِقَّتِ الأُجرةُ مِنْ مالِ غَيرِه، وهذا خِلافُ مُوجِبِ العَقدِ بخِلافِ ما إذا ماتَ مَنْ لَم يَقَعِ العَقدُ لَه، كالوَكيلِ ونَحوِه؛ لأنَّ العَقدَ منه لا يَقَعُ مُقتَضيًا استِحقاقَ المَنافِعِ، ولا استِحقاقَ الأُجرةِ مِنْ مِلكِه؛ فإبقاءُ العَقدِ بعدَ مَوتِه لا يُوجِبُ تَغييرَ مُوجِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>