للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إنْ أمكَنَ الِانتِفاعُ بالعَينِ فيما اكتَراها له على نَعتٍ مِنْ القُصورِ، مثلَ أنْ يُمكِنَه زَرعُ الأرضِ بغَيرِ ماءٍ، أو كانَ الماءُ يَنحَسِرُ عن الأرضِ التي غَرِقَتْ على وَجهٍ يَمنَعُ بَعضَ الزِّراعةِ، أو يَسوءُ الزَّرعُ، أو كانَ يُمكِنُه سُكنَى ساحةِ الدَّارِ، إمَّا في خَيمةٍ أو غَيرِها، لَم تَنفَسِخِ الإجارةُ؛ لأنَّ المَنفَعةَ المَعقودَ عليها لَم تَزُلْ بالكُليَّةِ، فأشبَهَ ما لَو تَعِبَتْ، ولِلمُستَأجِرِ خِيارُ الفَسخِ، على ما ذَكَرْنا.

إلَّا في الدَّارِ إذا انهَدَمَتْ؛ فإنَّ فيها وجهيْنِ: أحَدُهما: لا تَنفَسِخُ الإجارةُ، والآخَرُ: تَنفَسِخُ؛ لأنَّه زالَ اسمُها بهَدمِها، وذَهَبَتِ المَنفَعةُ التي تُقصَدُ مِنها، ولِذلك لا يَستَأجِرُ أحَدٌ عَرصةَ دارٍ لِيَسكُنَها.

فَأمَّا إنْ كانَ الحادِثُ في العَينِ لا يَضُرُّها، كَغَرَقِ الأرضِ بماءٍ يَنحَسِرُ في قُربٍ مِنْ الزَّمانِ، لا يَمنَعُ الزَّرعَ، ولا يَضُرُّه، وانقِطاعِ الماءِ عَنها، إذا ساقَ المُؤجِّرُ إلَيها ماءً مِنْ مَكانٍ آخَرَ، أو كانَ انقِطاعُه في زَمنٍ لا يَحتاجُ إليه فيه؛ فليسَ لِلمُستَأجِرِ الفَسخُ؛ لأنَّ هذا لَيسَ بعَيبٍ، وإنْ حَدَثَ الغَرَقُ المُضِرُّ، أو انقِطاعُ الماءِ، أو انهَدَمَ بَعضُ المُستَأجَرةِ، فلِذلك البَعضِ حُكمُ نَفْسِه في الفَسخِ، أو ثُبوتِ الخِيارِ، ولِلمُكتَرِي الخِيارُ في تَبْقِيَةِ العَينِ؛ لأنَّ الصَّفقةَ تَبَعَّضَتْ عليه، فإنِ اختارَ الإمساكَ أمسَكَ بالحِصَّةِ مِنْ الأجرِ، كَما إذا تَلِفَ أحَدُ القَفيزَيْنِ مِنْ الطَّعامِ في يَدِ البائِعِ (١).


(١) «المغني» (٥/ ٢٦١، ٢٦٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٠١، ١٠٣)، و «المبدع» (٥/ ٩٩، ١٠١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٥٢)، و «الروض المربع» (٢/ ٩٨، ٩٩)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>