للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَواءً، أو قَطَعَ له شَيئًا، أو كَواه فماتَ مِنْ ذلك فلا ضَمانَ على واحِدٍ مِنهما، لا في مالِه، ولا على عاقِلَتِه؛ لأنَّه ممَّا فيه تَغريرٌ، فكَأنَّ صاحِبَه هو الذي عَرضَه لِمَا أصابَه، وهذا إذا كانَ الخاتِنُ أو الطَّبيبُ مِنْ أهلِ المَعرِفةِ، ولَم يُخطِئْ في فِعلِه. فإذا كانَ أخَطَأَ في فِعلِه -والحالُ أنَّه مِنْ أهلِ المَعرِفةِ- فالدِّيةُ على عاقِلَتِه. فإنْ لَم يكُنْ مِنْ أهلِ المَعرِفةِ عُوقِبَ.

وَفي كَونِ الدِّيةِ على عاقِلَتِه، أو في مالِه، قولانِ:

الأولُ: لِابنِ القاسِمِ.

والآخَرُ: لِمالِكٍ، وهو الرَّاجِحُ؛ لأنَّ فِعلَه عَمدٌ، والعاقِلةُ لا تَحمِلُ العَمدَ (١).

وقالَ النَّفْراويُّ المالِكيُّ : « … إنْ عالَجَ بالطِّبِّ المَريضَ، وماتَ مِنْ مَرَضِه، فلا شَيءَ عليه، بخِلافِ الجاهِلِ، أو المُقَصِّرِ، فإنَّه يَضمَنُ ما نَشَأَ عن فِعلِه … » (٢)، فاعتَبَرَ الجَهلَ بالفِعلِ مُوجِبًا لِضَمانِ ما نَشَأَ عن ذلك الفِعلِ مِنْ ضَرَرٍ.

وجاءَ في «المُدوَّنةُ»: في البَيْطارِ يَطرَحُ الدَّابَّةَ فتَعطَبُ، لَا شَيءَ عليه إذا فعلَ بها ما يَفعَلُ البَيْطارُ، وطَرَحَها كما يَطرَحُ البَيْطارُ الدَّوابَّ؛ فإنْ فعلَ غيرَ ذلك ضَمِنَ عندَ الإمامِ مالِكٍ (٣).


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٣٧٥، ٣٧٦).
(٢) «الفواكه الدواني» (٢/ ٣٣٩).
(٣) «المدونة الكبرى» (١١/ ٤٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>