وأمَّا الشافِعيَّةُ فقالَ الشَّيخُ شِهابُ الدِّينِ القَليوبيُّ الشافِعيُّ ﵀: «شَرطُ الطَّبيبِ أنْ يَكونَ ماهِرًا، بمَعنَى أنْ يَكونَ خَطَؤُه نادِرًا، وإنْ لَم يكُنْ ماهِرًا في العِلمِ فيما يَظهَرُ فتَكفي التَّجرِبةُ، وإنْ لَم يكُنْ كذلك، لَم يَصحَّ العَقدُ، ويَضمَنُ ويَرجِعُ عليه بما أخَذَه مِنْ أُجرةٍ وغَيرِها … » (١).
وَقالوا: ومَن حَجَمَ غيرَه أو فَصَدَه بإذْنٍ مُعتَبَرٍ؛ كَقَولِ حُرٍّ مُكَلَّفٍ لِحاجِمٍ: احجُمْنِي أو افْصِدْني، ففعلَ، وأفضَى لِلتَّلَفِ، لَم يَضمَنْ ما تَوَلَّدَ مِنه، وإلَّا لَم يَفعَلْه أحَدٌ، هذا إنْ لَم يُخطِئْ؛ فإنْ أخطَأَ ضَمِنَ وتحَمَّلَتْه العاقِلةُ، كَما نَصَّ عليه الشافِعيُّ في الخاتِنِ، قالَ ابنُ المُنذِرِ: وأجمَعوا على أنَّ الطَّبيبَ إذا لَم يَتعدَّ لَم يَضمَنْ.
وَإذا تَعدَّى الخاتِنُ بالجُرحِ المُهلِكِ، كَأنْ خَتَنَه في سَنٍّ لا يَحتَمِلُه؛ لِضَعفٍ ونَحوِه، أو لِشِدَّةِ حَرٍّ وبَردٍ، فماتَ، لَزِمَه القَصَاصُ، إنْ عَلِمَ أنَّه لا يَحتَمِلُه لِتَعَدِّيه بالجُرحِ المُهلِكِ؛ لأنَّه غيرُ جائِزٍ في هذه الحالةِ قَطعًا، فإنْ ظَنَّ كَونَه مُحتَمِلًا، كَأنْ قالَ له أهلُ الخِبرةِ: يَحتَمِلُه، فماتَ، فلا قِصاصَ، لِانتِفاءِ التَّعدِّي، ويَجِبُ دِيةُ شِبهِ العَمدِ، إلَّا الوالِدَ، وإنْ عَلَا، إذا خَتَنَه في سِنٍّ لا يَحتَمِلُه، فلا قِصاصَ عليه لِلبِضعيَّةِ، ويَجِبُ عليه دِيَةٌ مُغلَّظةٌ في مالِهِ؛ لأنَّه عَمدٌ مَحضٌ.
والسَّيِّدُ في خِتانِ رَقيقِه لا ضَمانَ عليه، والمُسلِمُ في خِتانِ كافِرٍ لا قِصاصَ عليه.
(١) «حاشية قليوبي» (٣/ ٧٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute