للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك إلى الهَلاكِ، فإنَّه يَضمَنُ، وكذلك إذا عَلِمَ وقَصَّرَ في المُعالَجةِ، كَأنْ أرادَ قَلعَ سِنٍّ فقَلَعَ غَيرَها خَطَأً، أو تَجاوَزَ بغَيرِ اختيارِه الحَدَّ المَعلومَ في الطِّبِّ عندَ أهلِ المَعرِفةِ، كَأنْ زَلَّتْ أو تَرامَتْ يَد خاتِنٍ، أو سَقَى عَليلًا دَواءً غيرَ مُناسِبٍ لِلدَّاءِ، مُعتقِدًا أنَّه يُناسِبُه، وقَد أخطَأَ في اعتِقادِهِ؛ فإنَّه يَضمَنُ، والضَّمانُ على عاقِلَتِه، إلَّا فيما دونَ الثُّلُثِ، ففي مالِه.

وَإنَّما لَم يُقتَصَّ مِنْ الطَّبيبِ الجاهِلِ لأنَّ الفَرضَ أنَّه لَم يَقصِدْ ضَرَرًا؛ وإنَّما قَصَدَ نَفْعَ العَليلِ، أو رَجا ذلك، وأمَّا لَو قَصَدَ ضَرَرَهُ؛ فإنَّه يُقتَصُّ مِنه، والأصْلُ عَدَمُ العَداءِ إنِ ادُّعِيَ عليه ذلك.

أمَّا إذا لَم يُقصِّرْ وهو عالِمٌ بالطِّبِّ بأنْ فعلَ ما يُناسِبُ المَرَضَ في الطِّبِّ، ولَكنَّه نَشَأَ عنه عَيبٌ أو تَلَفٌ فلا ضَمانَ عليه، بَلْ هَدَرٌ.

وَكذلك يَضمَنُ الطَّبيبُ إذا داوَى بلا إذْنٍ مُعتَبَرٍ، بأنْ كانَ بلا إذْنٍ أصْلًا، كَما لَو خَتَنَ صَغيرًا قَهرًا عنه، أو كَبيرًا وهو نائِمٌ، أو أطعَم مَريضًا دَواءً قَهرًا عنه فنَشَأَ عن ذلك تَلَفٌ، أو بإذْنٍ غيرِ مُعتَبَرٍ شَرعًا، كَأنْ داوَى صَبيًّا، أو مَجنونًا بإذنِهِما؛ فإنَّه يَضمَنُ مُوجِبَ فِعلِه؛ لأنَّ إذنَهُما غيرُ مُعتَبَرٍ شَرعًا، وكذلك لَو فَصَدَ عَبدًا، أو حَجَمَه، أو خَتَنَه مُعتَمِدًا على إذْنِه، فنَشَأَ عن ذلك عَيبٌ أو تَلَفٌ؛ فإنَّه يَضمَنُ؛ لأنَّ إذْنَه غيرُ مُعتَبَرٍ شَرعًا (١).

وقالَ الدُّسوقيُّ : إذا خَتَنَ الخاتِنُ صَبيًّا، أو سَقَى الطَّبيبُ مَريضًا


(١) «جواهر الأكليل» (٢/ ٢٩٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١١٠، ١١١)، و «منح الجليل» (٩/ ٣٦١)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٣٣٩)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٢٧)، و «المغني» (٧/ ٤٦٨، ٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>