للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَهَبَ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ -في الأصَحِّ- وأحمَدُ -في رِوايةٍ- ومُتأخِّرو الحَنفيَّةِ -وعليه الفَتوَى- إلى أنَّه يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ على الأذانِ؛ لأنَّه عَملٌ مَعلومٌ، يَجوزُ أخْذُ الرِّزقِ عليه، فجازَ أخْذُ الأُجرةِ عليه، كَسائِرِ الأعمالِ، وسَواءٌ كانَتِ الأُجرةُ مِنْ بَيتِ المالِ، كَما فعلَ عُمرُ ، أو مِنْ آحادِ النَّاسِ على المَشهورِ عندَ المالِكيَّةِ، ومَنَعَها ابنُ حَبيبٍ مِنْ آحادِ النَّاسِ على الأذانِ.

قالَ القُرطُبيُّ : وقَدِ استَدَلَّ عُلماؤُنا على أخْذِ الأُجرةِ بحَديثِ أبي مَحذورةَ، وفيه نَظَرٌ، أخرَجَه النَّسائيُّ وابنُ ماجَه وغَيرُهُما، قالَ: خَرَجْتُ في نَفَرٍ، فَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسولِ اللَّهِ بِالصَّلَاةِ عندَ رَسولِ اللَّهِ ، فَسَمِعْنَا صَوْتَ المُؤَذِّنِ وَنَحْنُ عنه مُتنَكِّبُونَ، فَصَرَخْنَا نَحْكِيهِ، نَهْزَأُ بِهِ، فَسَمِعَ رَسولُ اللَّهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا قَوْمًا فَأَقْعَدُونَا بينَ يَدَيْهِ، فقالَ: أَيُّكُمُ الذي سَمِعتُ صَوْتَهُ قدِ ارْتَفَعَ؟ فَأَشَارَ إلَيَّ القَوْمُ كلُّهم، وَصَدَقُوا، فَأَرْسَلَ كلَّهُم وَحَبَسَنِي، وقالَ لي: قُمْ فَأَذِّنْ. فَقُمْتُ ولا شَيْءَ أَكْرَهُ إلَيَّ مِنْ رَسولِ اللَّهِ ، ولا ممَّا يَأْمُرُنِي بِهِ، فَقُمْتُ بينَ يَدَيْ رَسولِ اللَّهِ ، فَالقَى عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ التَّأْذِينَ هو بِنَفْسِهِ، فقالَ: قُلِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللَّهِ. ثم قالَ لي: ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّدًا رَسولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>