للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَهَبَ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ لِلإنسانِ أنْ يُؤجِّرَ نَفْسَه في الحَجِّ، مع الكَراهةِ عندَ المالِكيَّةِ؛ لأنَّ كلَّ عَملٍ جازَ أنْ يَتطوَّعَ به الآخَرُ عن الآخَرِ جازَ أنْ تَصحَّ فيه النِّيابةُ، ويَصحُّ عليه عَقدُ الإجارةِ؛ كَبِناءِ المَساجِدِ، وكَتْبِ المَصاحِفِ، وهو قُربةٌ إلى اللَّهِ ، فكذلك عَملُ الحَجِّ عن الآخَرينَ. والصَّدَقاتُ قُربةٌ إلى اللَّهِ ، وقَد أباحَ لِلعاملِ عليها الأجْرَ على عِمالَتِه.

وقالَ الشافِعيَّةُ: ضابِطُ ما يَجوزُ الِاستِئجارُ عليه: أنَّ كلَّ ما تَدخُلُه النِّيابةُ مِنْ العِبادةِ يَجوزُ الِاستِئجارُ عليه، وما لا فلا (١).

قالَ المالِكيَّةُ: تُكرَهُ إجارةُ الإنسانِ نَفْسَه في عَملٍ لِلَّهِ تَعالى، حَجٍّ أو غَيرِه، كَقِراءةٍ وإمامةٍ وتَعليمِ عِلْمِ، وصِحَّتُه مع الكَراهةِ. كَما تُكرَهُ الإجارةُ على الأذانِ، قالَ مالِكٌ: لَأنْ يُؤاجِرَ الرجُلُ نَفْسَه في عَملِ اللَّبنِ وقَطعِ الحَطَبِ وسَوْقِ الإبِلِ، أحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ يَعمَلَ عَملًا لِلَّهِ بأُجرةٍ، وهذه دارُ الهِجرةِ لَم يَبلُغْنا أنَّ أحَدًا مُنذُ زَمانِ رَسولِ اللَّهِ حَجَّ عن


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩٨)، ويُنْظر: «الاستذكار» (٤/ ١٦٨)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٩٦)، و «منح الجليل» (٢/ ٢٠٢، ٢٠٣)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٢٥٧)، و «المجموع» (٧/ ٨٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٣٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٥٤)، و «كنز الراغبين» (٣/ ١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>