للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَنعِ مِنْ أخْذِ الجُعلِ عليه تَعطيلٌ لَه، ومَنعٌ له ممَّا فيه لِلمُسلِمينَ نَفْعٌ، وبِهم إليه حاجةٌ، فيَنبَغي أنْ يَجوزَ، بخِلافِ الحَجِّ.

إذا ثبَتَ هذا فإنْ قُلْنا بالأولِ فالإجارةُ فاسِدةٌ، وعليه الأُجرةُ برَدِّها، ولَه سَهمُه؛ لأنَّ غَزْوَهُ بغَيرِ أُجرةٍ.

وإنْ قُلْنا: بصِحَّتِه فظاهِرُ كَلامِ أحمدَ، والخِرَقِيِّ -رحمهما الله- أنَّه لا سَهمَ لَه؛ لأنَّ غَزْوَهُ بَعِوضٍ، فكَأنَّه واقِعٌ مِنْ غَيرِه، فلا يَستَحقُّ شَيئًا.

وقد رَوَى أبو داوُدَ بإسنادِه عن يَعلَى بنِ مُنَبِّهٍ قالَ: آذَنَ رَسولُ اللَّهِ بالغَزْوِ وأنا شَيْخٌ كَبيرٌ، ليس لي خَادِمٌ، فالتَمَسْتُ أَجيرًا يَكْفينِي وَأجْرِي له سَهْمُهُ، فوَجَدْتُ رَجُلًا، فلَمَّا دَنَا الرَّحيلُ أَتَاني فقالَ: ما أَدْرِي ما السُّهْمانُ، وما يَبْلُغُ سَهْمي، فسَمِّ لي شَيئًا، كانَ السَّهْمُ أو لم يكُنْ. فسَمَّيْتُ له ثلَاثَةَ دَنَانيرَ، فلَمَّا حَضَرَتْ غَنيمَتُهُ أرَدْتُ أنْ أُجْرِيَ له سَهْمَهُ، فذَكَرْتُ الدَّنَانيرَ، فَجِئْتُ النَّبِيَّ فذَكَرْتُ له أمْرَهُ، فقالَ: «مَا أَجِدُ له في غَزْوَتِه هذه في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ إلا دنَانِيرَهُ التي سَمَّى» (١).

وَيُحتَمَلُ أنْ يُسهَمَ لَه، وهو اختِيارُ الخَلَّالِ، قالَ: رَوَى جَماعةٌ عن أحمدَ أنَّ لِلأجيرِ السَّهمَ إذا قاتَلَ، ورَوَى عنه جَماعةٌ أنَّ كلَّ مَنْ شَهِدَ القِتالَ له السَّهمُ: قالَ: وهذا الذي اعتُمِدَ عليه مِنْ قَولِ أبي عَبدِ اللَّهِ.

وَوَجْهُ ذلك ما تَقدَّمَ مِنْ حَديثِ عَبدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ، وحَديثِ جُبَيرِ بنِ


(١) رواه أبو داود (٢٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>