للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُفَيرٍ، وقَولِ عُمرَ : «الغَنيمةُ لِمَنْ شَهِدَ الوَقعةَ» (١)، وَلأنَّه حاضِرٌ لِلوَقعةِ مِنْ أهلِ القِتالِ، فيُسهَمُ لَه، كَغَيرِ الأجيرِ، فأمَّا الذين يُعطَوْنَ مِنْ حَقِّهم مِنْ الفَيْءِ فلَهُم سِهامُهم؛ لأنَّ ذلك حَقٌّ، جعلَه اللَّهُ لَهُم؛ لِيَغزُوا، لا أنَّه عِوَضٌ عن جِهادِهم، بَلْ نَفْعُ جِهادِهم لَهُم، لا لِغَيرِهم، وكذلك مَنْ يُعطَوْنَ مِنْ الصَّدَقاتِ وهُمُ الذين إذا نَشِطوا لِلغَزْوِ أُعطُوا؛ فإنَّهم يُعطَوْنَ مَعونةً لَهم، لا عِوَضًا، ولِذلك إذا دُفِعَ إلى الغُزاةِ يَتقوَّوْنَ به، ويَستَعينونَ به، كانَ له فيه الثَّوابُ، ولَم يكُنْ عِوَضًا، قالَ النَّبيُّ : «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا كَانَ له مِثْلُ أَجْرِه» (٢).

وقالَ الزَّركَشيُّ : مَحَلُّ الخِلافِ فيمَن استُؤجِرَ لِلجِهادِ، أمَّا الغُزاةُ الذين يُدفَعُ إليهم مِنْ الفَيْءِ فلَهُمُ السَّهمُ؛ لأنَّ ذلك حَقٌّ جعلَه اللهُ لَهُمْ لِيَغزُوا، لا أنَّه عِوضٌ عن الجِهادِ، وكذلك مَنْ يُعطَى مِنْ الصَّدَقاتِ، وكذلك لو دفعَ دافِعٌ إلى الغُزاةِ ما يَتقوَّوْنَ به، كانَ له أجْرُه، ولَم يكُنْ عِوَضًا (٣).

وقالَ المالِكيَّةُ: يَجوزُ الجُعلُ مِنْ شَخصٍ قاعِدٍ عن الجِهادِ لِمَنْ يَخرُجُ


(١) أخرَجه عبد الرزاق (٩٦٨٩)، وسعيد بن منصور في «سننه» (٢٧٩١)، وابن أبي شَيبة في «مصنفه» (٣٣٢٢٥، ٣٣٢٢٦) عن عمر، وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (٦/ ٢٢٤): إسناده صحيح.
(٢) «المغني» (٩/ ٢٤٣، ٢٤٤)، و «الكافي» (٣/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «الشرح الكبير» (١٠/ ٥١٩، ٥٢٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٧٤).
(٣) «شرح الزركشي» (٢/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>