وَإذا قالَ القاعِدُ لِلشَّاخِصِ: خُذْ هذا المالَ فاغْزُ بهِ؛ فإنَّه لَيسَ باستِئجارٍ على الجِهادِ، فأمَّا إذا قالَ: خُذْه لِتَغزُوَ به عَنِّي، فهذا استِئجارٌ على الجِهادِ، فلا يَجوزُ (١).
وقالَ الشافِعيَّةُ: لا تَصحُّ إجارةُ مُسلِمٍ لِجِهادٍ، سَواءٌ استَأجَرَه الإمامُ أو غَيرُه على الأصَحِّ.
قالَ الماوَرديُّ ﵀: وهذا صَحيحٌ، لا يَجوزُ لِأحَدٍ أنْ يَغزوَ عن غَيرِه مِنْ أعيانِ النَّاسِ بجُعلٍ أو بغَيرِ جُعلٍ؛ لِثَلاثةِ أُمورٍ:
أحَدُها: أنَّه إذا التَقى الزَّحفانِ تَعيَّنَ فَرضُ الثَّباتِ عليه، فلَم يَجُزْ أنْ يَنوبَ فيه عن غَيرِهِ؛ كالحَجِّ، لا يَجوزُ أنْ يَنوبَ فيه عن غَيرِه إذا كانَ عليه فَرضُه.
والثَّاني: أنَّه يَدفَعُ إذا حَضَرَ الزَّحفَ عن نَفْسِه، ويَقصِدُ حَقنَ دَمِه، فلَم يَجُزْ أنْ يَدفَعَ عن نَفْسِه بعِوَضٍ على غَيرِه.
فَإنْ قيلَ: لَو حَجَّ عن نَفْسِه جازَ أنْ يَحُجَّ عن غَيرِه بجُعلٍ وبغَيرِ جُعلٍ، فهَلَّا جازَ إذا غَزا عن نَفْسِه أنْ يَغزوَ عن غَيرِه بجُعلٍ أو بغَيرِ جُعلٍ.
(١) «المبسوط» (١٠/ ١٩، ٢٠)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٦١)، و «شرح مشكل الآثار» (٨/ ٣١٦، ٣١٧)، و «البحر الرائق» (٥/ ٧٩)، و «ابن عابدين» (٤/ ١٢٨).