للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعِندَ الزَّيلَعيِّ وَفي كَثيرٍ مِنْ الكُتُبِ: لَو لَم يُفتَحْ لَهم بابُ التَّعليمِ بالأجْرِ؛ لَذَهَبَ القُرآنُ، فأفتَوْا بجَوازِه، ورَأَوْه حَسَنًا، فتَنَبَّهْ. انتَهَى كَلامُ الرَّمليِّ.

وَما في التاتَرْخانيةِ فيه رَدٌّ على مَنْ قالَ: لَو أوصَى لِقارِئٍ يَقرَأُ على قَبرِه بكَذا فَيَنبَغي أنْ يَجوزَ على وَجْهِ الصِّلةِ دونَ الأجْرِ، ومِمَّن صَرَّحَ ببُطلانِ هذه الوَصيَّةِ صاحِبُ الوَلوَالِجِيَّةِ، والمُحيطِ، والبَزَّازِيَّةِ، وفيه رَدٌّ أيضًا على صاحِبِ البَحرِ؛ حَيثُ عَلَّلَ البُطَلانَ بأنَّه مَبنيٌّ على القَولِ بكَراهةِ القُرآنِ على القَبرِ، وليسَ كذلك، بَلْ لِما فيه مِنْ شَبَهِ الِاستِئجارِ على القِراءةِ، كَما عَلِمتَ، وصَرَّحَ به في الِاختيارِ وغَيرِه، ولِذا قالَ في الوَلوالِجِيَّة ما نَصُّهُ: ولَو زارَ قَبْرَ صَديقٍ أو قَريبٍ لَه، وقَرَأَ عِندَه شَيئًا مِنْ القُرآنِ، فهو حَسَنٌ، أمَّا الوَصِيَّةُ بذلك فلا مَعنَى لَها، ولا مَعنَى أيضًا لِصِلةِ القارِئِ؛ لأنَّ ذلك يُشبِهُ استِئجارَه على قِراءةِ القُرآنِ، وذلك باطِلٌ، ولَم يَفعَلْ ذلك أحَدٌ مِنْ الخُلَفاءِ. اه.

لَو كانَتِ العِلَّةُ ما قالَه لَم يَصحَّ قولُه هُنا، فهو حَسَنٌ، ومِمَّن أفتَى ببُطلانِ هذه الوَصيَّةِ الخَيرُ الرَّمليُّ، كَما هو مَبسوطٌ في وَصايا فَتاوَاه؛ فراجِعْها.

وَنقلَ العَلَّامة الحَلوانيُّ -في حاشيةِ المُنتهى- عن شَيخِ الإسلامِ تَقيِّ الدِّينِ ما نَصُّهُ: ولا يَصحُّ الِاستِئجارُ على القِراءةِ وإهدائِها إلى المَيِّتِ؛ لأنَّه لَم يُنقَلْ عن أحَدٍ مِنْ الأئِمَّةِ الإذْنُ في ذلك.

وقد قالَ العُلماءُ: إنَّ القارِئَ إذا قَرَأ لِأجْلِ المالِ فلا ثَوابَ لَه، فأيُّ شَيءٍ يُهديهِ إلى المَيِّتِ؟ وإنَّما يَصِلُ إلى المَيِّتِ العَملُ الصَّالِحُ، والِاستِئجارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>