تَبيينِ المَحارِمِ مُستَنِدًا إلى النُّقولِ الصَّريحةِ، فمِن جُملةِ كَلامِه: قالَ تاجُ الشَّريعةِ في شَرحِ الهِدايةِ: إنَّ القُرآنَ بالأُجرةِ لا يَستَحقُّ الثَّوابَ، لا لِلمَيِّتِ ولا لِلقارِئِ.
فالحاصِلُ أنَّ ما شاعَ في زَمانِنا مِنْ قِراءةِ الأجزاءِ بالأُجرةِ لا يَجوزُ؛ لأنَّ فيه الأمْرَ بالقِراءةِ وإعطاءَ الثَّوابِ لِلآمِرِ، والقِراءةَ لِأجْلِ المالِ، فإذا لَم يكُنْ لِلقارِئِ ثَوابٌ لِعَدَمِ النِّيَّةِ الصَّحيحةِ، فأينَ يَصِلُ الثَّوابُ إلى المُستَأجِرِ؟ ولَولَا الأُجرةُ ما قَرَأَ أحَدٌ لِأحَدٍ في هذا الزَّمانِ، بَلْ جَعَلوا القُرآنَ العَظيمَ مَكسَبًا ووَسيلةً إلى جَمعِ الدُّنيا، إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إليه راجِعونَ. اه.
وقد اغتَر بما في الجَوهَرةِ صاحِبُ البَحرِ في كِتابِ الوَقفِ، وتَبِعَه الشَّارِحُ في كِتابِ الوَصايا، حَيثُ يُشعِرُ كَلامُهما بجَوازِ الِاستِئجارِ على كلِّ الطَّاعاتِ، ومِنها القِراءةُ، وقَد رَدَّه الشَّيخُ خَيرُ الدِّينِ الرَّمليُّ في حاشيةِ البَحرِ في كِتابِ الوَقفِ، حَيثُ قالَ: أقولُ: المُفتَى به جَوازُ الأخْذِ استِسحانًا على تَعليمِ القُرآنِ، لا على القِراءةِ المُجرَّدةِ، كَما صَرَّحَ به في التَّاتَرْخانيةِ حَيثُ قالَ: لا مَعنَى لِهَذِه الوَصيَّةِ، ولِصِلةِ القارِئِ بقِراءَتِه؛ لأنَّ هذا بمَنزِلةِ أُجرةٍ، والإجارةُ في ذلك باطِلةٌ، وهي بِدعةٌ، ولَم يَفعَلْها أحَدٌ مِنْ الخُلَفاءِ، وقَد ذَكَرْنا مَسألةَ تَعليمِ القُرآنِ على استِسحانٍ. اه، يَعني لِلضَّرورةِ، ولا ضَرورةَ في الِاستِئجارِ على القِراءةِ على القَبرِ.