للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : القِراءةُ على الجَنائِزِ مَكروهةٌ في المَذاهبِ الأربَعةِ، وأخْذُ الأُجرةِ عليها أعظَمُ كَراهةً؛ فإنَّ الاستِئجارَ على التِّلاوةِ لَم يُرَخِّصْ فيه أحَدٌ مِنْ العُلماءِ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ أيضًا: ولا يَصحُّ الِاستِئجارُ على القِراءةِ ولا يَصحُّ إهداؤها إلى المَيِّتِ؛ لأنَّه لَم يُنقَلْ عن أحَدٍ مِنْ الأئِمَّةِ الإذْنُ في ذلك، وقَد قالَ العُلماءُ: إنَّ القارِئَ إذا قَرَأَ لِأجْلِ المالِ فلا ثَوابَ لَه، فأيُّ شَيءٍ يُهدَى إلى المَيِّتِ؟ وإنَّما يَصِلُ إلى المَيِّتِ العَملُ الصَّالِحُ، والِاستِئجارُ على مُجرَّدِ التِّلاوةِ لَم يَقُلْ به أحَدٌ مِنْ الأئِمَّةِ، وإنَّما تَنازَعوا في الِاستِئجارِ على التَّعليمِ، ولا بَأْسَ بجَوازِ أخْذِ الأُجرةِ على الرُّقيةِ، ونَصَّ عليه أحمَدُ (٢).

أمَّا مَذهَبُ الحَنفيَّةِ فقالَ الحَدَّادُ في الجَوهَرةِ: واختَلفوا في الاستِئجارِ على قِراءةِ القُرآنِ على القَبرِ مدَّةً مَعلومةً: قالَ بَعضُهم: لا يَجوزُ، وقالَ بَعضُهم: يَجوزُ، وهو المُختارُ (٣).

قالَ ابنُ عابِدينَ بعدَ هذا الكَلامِ: والصَّوابُ أنْ يُقالَ: على تَعليمِ القُرآنِ، فإنَّ الخِلافَ فيه كَما عَلِمتَ، لا في القِراءةِ المُجرَّدةِ؛ فإنَّه لا ضَرورةَ فيها؛ فإنْ كانَ ما في الجَوهَرةِ سَبْقَ قَلَمٍ فلا كَلامَ، وإنْ كانَ عن عَمدٍ فهو مُخالِفٌ لِكَلامِهم قاطِبةً فلا يُقبَلُ، وقَد أطنَبَ في رَدِّه صاحِبُ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٣/ ٣٦٤).
(٢) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٤٩١، ٤٩٢)، ويُنْظر: «الإنصاف» (٦/ ٤٦)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٦٣٨).
(٣) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>