للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَو جَمَعَ بَينَهما؛ كَتَعلّمِه سُورةَ كَذا في شَهرِ كَذا، فلا يَصحُّ في الأصَحِّ (١).

والقولُ الثَّاني: لا يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ على تَعليمِ القُرآنِ، ويَجوزُ أخْذُ الجَعالةِ على ذلك، وهو قولُ الحَنفيَّةِ، أبِي حَنيفَةَ، وصاحبَيْه أبي يُوسفَ، ومُحمدٍ، والحَنابِلةِ في المَذهبِ، لِمَا رَواه أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، قَالَ: عَلَّمْتُ رَجُلًا القُرْآنَ، فَأَهْدَى لِي قَوْسًا، فَذَكَرْتُ ذلك لِلنَّبِيِّ ، فَقَالَ: «إِنْ أَخَذْتَهَا أَخَذْتَ قَوْسًا مِنْ نَارٍ»، فَرَدَدْتُهَا (٢).

وعن عَبدِ الرَّحمنِ بنِ شِبْلٍ قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ : «اقرَؤُوا القُرْآنَ وَلا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ، وَلا تَجْفُوا عنه، وَلا تَغْلُوا فيه» (٣)، وقَالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: ٣٩]، وَلأنَّ هذه الأعمالَ يَختَصُّ فاعِلُها بأنْ يَكونَ مِنْ أهلِ القُربةِ؛ فإنَّها إنَّما تَصحُّ مِنْ المُسلِمِ دونَ الكافِرِ؛ فلا يَجوزُ إيقاعُها إلَّا على وَجْهِ التَقرُّبِ إلى اللَّهِ تَعالى، وإذا فُعِلَتْ بعُروضٍ لَم يكُنْ فيها أَجْرٌ بالِاتِّفاقِ؛ لأنَّ اللَّهَ إنَّما يَقبَلُ مِنْ العَملِ ما أُريدَ به وَجْهُه، لا ما فُعِلَ لِأجْلِ عُروضِ الدُّنيا.

وَلأنَّ مِنْ شَرطِ صِحَّةِ هذه الأفعالِ كَونَها قُربةً إلى اللَّهِ تَعالى، فلَم يَجُزْ أخْذُ الأجْرِ عليها، كَما لَوِ استَأجَرَ قَومًا يُصَلُّونَ خَلْفَه الجُمُعةَ، أوِ التَّراويحَ.

وَلأنَّ القُربةَ متى حَصَلَتْ وَقَعَتْ عن العامِلِ، ولِهَذا تُعتَبَرُ أهلِيَّتُه؛ فلا


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٠، ٢١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٢٢، ٣٢٣، ٣٣٤)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٥٤)، و «كنز الراغبين» (٣/ ١٨٥).
(٢) رواه ابن ماجه (٢١٥٨).
(٣) رواه الإمام أحمد في «مسنده» (١٥٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>