أو على الحُذَّاقِ، والمُرادُ به حِفظُ جَميعِ القُرآنِ أو بَعضِه؛ كالنِّصفِ، والثُّلُثِ، والرُّبُعِ، والسُّدُسِ، ونَحوِ ذلك مِنْ الأجزاءِ بأجْرٍ مَعلومٍ، ولا يَجوزُ الجَمعُ بينَ المُشاهَرةِ والحُذَّاقِ على المَشهورِ، كاستَأجَرتُكَ على تَحفيظِه رُبُعَ القُرآنِ في شَهرٍ بكَذا؛ إذْ قد يَمضي الشَّهرُ ولا يَحفَظُ ما عَيَّنَه، أو يَحفَظُه في أثنائِه.
وَيُقضَى بالأُجرة لِلمُعَلِّمِ في الحَذاقةِ، وإنْ لَم تُشترَطْ إذا جَرَى العُرفُ بها، وإلَّا فلا، على المَشهورِ، ومَحَلُّها ما تَقرَّرَتْ به عُرفًا مِنْ السُّوَرِ؛ كَ: ﴿سَبِّحْ﴾ و ﴿عَم﴾، و ﴿تَبَارَكَ﴾، وغَيرِها، وهي تَختَلِفُ باختِلافِ الزَّمانِ والمَكانِ، وبِاختِلافِ الأشخاصِ فَقرًا وغِنًى، ولا حَدَّ فيها، وأنَّها راجِعةٌ إلى حالِ الأبِ في يُسرِه وعَدَمِه، ويُنظَرُ فيها أيضًا إلى حالِ الصَّبيِّ؛ فإنْ كانَ حافِظًا تَكونُ حَذقَتُه أكثَرَ مِنْ الذي لا يَحفَظُ (١).
وقالَ الشَّافعيَّةُ: يَصحُّ الِاستِئجارُ على تَعليمِ القُرآنِ كلِّه أو بَعضِه، ولا بدَّ مِنْ تَعيينِ المدَّةِ في تَعليمِ القُرآنِ، كَشَهرٍ ونَحوِه، على الأصَحِّ، وقيلَ: لا بدَّ مِنْ تَعيينِ السُّوَرِ أو الآياتِ؛ لِتَفاوُتِ السُّوَرِ والآياتِ في سُهولةِ الحِفظِ وصُعوبَتِه، أو تَعيينِ سُوَرٍ أو آياتٍ مِنْ سُورةِ كَذا، في الأصَحِّ؛ فإنْ أخَلَّ بأحَدِهِما لَم يَصحَّ على الأصَحِّ.
وَقيلَ: لا يُشترَطُ تَعيينُ واحِدٍ مِنهما.
(١) «تحبير المختصر» (٤/ ٥٦٤)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٣٥٧)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٧)، و «حاشية الصاوي» (٢/ ٣٦٣)، و «منح الجليل» (٧/ ٤٧٦).