للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجوزُ له أخْذُ الأجْرِ مِنْ غَيرِه، كَما في الصَّومِ والصَّلاةِ، ولأنَّ التَّعليمَ ممَّا لا يَقدِرُ المُعلِّمُ عليه إلَّا بمَعنًى مِنْ قِبَلِ المُتعلِّمِ، فيَكونُ مُلتَزِمًا ما لَا يَقدِرُ على تَسليمِه؛ فلا يَصحُّ.

قالَ الحَنفيَّةُ: والأصْلُ فيه أنَّ كلَّ شَيءٍ جازَ أنْ يُستَأجَرَ الكافِرُ عليه جازَ أنْ يُستَأجَرَ عليه المُسلِمُ، وما لا فلا.

وأمَّا الأحاديثُ التي في أخْذِ الجُعلِ والأُجرةِ، فإنَّما كانَتْ في الرُّقيةِ، وهي قَضيةٌ في عَينٍ، فتَختَصُّ بها (١).

والقولُ الثَّالث: إنْ كانَ فَقيرًا مُحتاجًا جازَ له الأخْذُ، وإنْ كانَ غَنِيًّا لا يَجوزُ، وهو رِوايةٌ عن أحمدَ اختارَها شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ، كَما أذِنَ اللَّهُ لِوَليِّ اليَتيمِ أنْ يَأكُلَ مع الفَقرِ، ويَستَغنِيَ مع الغِنَى، قالَ ابنُ تَيميَّةَ: وهذا القولُ أقوَى مِنْ غَيرِه على هَذا، فإذا فعلَها الفَقيرُ للَّهِ، وإنَّما أخَذَ الأُجرةَ لِحاجَتِه إلى ذلك، ولِيَستَعينَ بذلك على طاعةِ اللَّهِ فاللَّهُ يَأجُرُه على نِيَته، فيَكونُ قد أكَلَ طَيِّبًا، وعَمِلَ صالِحًا.

وقالَ أيضًا: وأُصولُ الشَّريعةِ كلُّها مَبنيَّةٌ على هذا الأصْلِ، أنَّه يُفَرَّقُ في


(١) «المبسوط» (١٦/ ٣٧)، و «الهداية» (٣/ ٢٤٠)، و «العناية» (١٢/ ٣٩٣)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٦٠)، و «اللباب» (١/ ٤٨٩)، و «الاختيار» (٣/ ٧١)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١١٨)، و «المغني» (٣/ ٩٤)، و «الكافي» (٢/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٦٥)، و «المبدع» (٥/ ٩٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤١)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٣٦٧، ٣٦٨)، و «منار السبيل» (٢/ ٢١٧، ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>