للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رَوضةِ الزَّنْدوستيِّ كانَ شَيخُنا أبو مُحمَّدٍ عَبدُ اللَّهِ الخَيْزَاخَزِيُّ يَقولُ: في زَمانِنا يَجوزُ لِلإمامِ والمُؤَذِّنِ والمُعَلِّمِ أخْذُ الأجْرِ، قالَ: كَذا في الذَّخيرةِ، ولا يَجوزُ استِئجارُ المُصحَفِ وكُتُبِ الفِقهِ؛ لِعَدَمِ التَّعارُفِ (١).

وقالَ ابنُ عابِدينَ : قولُهُ: (وَيُفتَى اليَومَ بصِحَّتِها لِتَعليمِ القُرآنِ، إلخ، قالَ في الهِداية: وبَعضُ مَشايِخِنا تَعالى- استَحسَنوا الِاستِئجارَ على تَعليمِ القُرآنِ اليَومَ؛ لِظُهورِ التَّواني في الأُمورِ الدِّينيَّةِ، ففي الِامتِناعِ تَضييعُ حِفظِ القُرآنِ، وعليه الفَتوَى). اه.

وقد اقتُصِرَ على استِثناءِ تَعليمِ القُرآنِ أيضًا في مَتْنِ الكَنزِ، ومَواهِبِ الرَّحمَنِ، وكَثيرٍ مِنْ الكُتُبِ، وزَادُوا في مُختصَرِ الوِقايةِ، و مَتنِ الإصلاحِ تَعليمَ الفِقهِ، وزَادُوا في مَتنِ المَجمَعِ الإمامةَ، ومِثلُه في مَتنِ المُلتَقى، ودُرَرِ البِحارِ، وزادَ بَعضُهم الأذانَ والإقامةَ والوَعظَ، وذكرَ المُصَنِّفُ مُعظَمها، ولَكنَّ الذي في أكثَرِ الكُتُبِ الِاقتِصارُ على ما في الهِدايةِ، فهذا مَجموعُ ما أفتَى به المُتأخِّرونَ مِنْ مَشايِخِنا، وهُمُ البَلْخِيُّونَ على خِلافٍ في بَعضِه، مُخالِفينَ ما ذَهَبَ إليه الإمامُ وصاحِبَاه، وقَدِ اتَّفقَتْ كَلِمَتُهم جَميعًا في الشُّروحِ، والفَتاوَى على التَّعليلِ بالضَّرورةِ، وهي خَشيةُ ضَياعِ القُرآنِ، كَما في الهِدايةِ، وقَد نَقَلتُ لَكَ ما في مَشاهيرِ مُتونِ المَذهبِ المَوضوعةِ لِلفَتوَى، فلا حاجةَ إلى نَقلِ ما في الشُّروحِ والفَتاوَى، وقَدِ اتَّفقَتْ كَلِمَتُهم جَميعًا على التَّصريحِ بأصْلِ المَذهبِ مِنْ عَدَمِ الجَوازِ، ثم استَثْنَوْا بَعدَه ما عَلِمتَهُ؛ فهذا دَليلٌ قاطِعٌ وبُرهانٌ ساطِعٌ على أنَّ المُفتَى به لَيسَ هو جَوازَ الِاستِئجارِ على


(١) «تبيين الحقائق» (٥/ ١٢٤، ١٢٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>