للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَرْضَ، وَمِنهنَّ مَنِ اختَارَ الوَسْقَ، وكَانَتْ عائِشَةُ وحَفْصَةُ مِمَّنِ اخْتارَتَا الأرْضَ والمَاءَ» (١).

فقولُه: «فكَانَ يُعطِي أَزوَاجَهُ مِئةَ وَسقٍ، ثَمانينَ وَسقَ تَمرٍ، وَعِشرينَ وَسقَ شَعِيرٍ»؛ دَليلٌ على أنَّ بَياضَ خَيبَرَ كانَ تابِعًا لِسَوادِها، ألَا تَرى أنَّ الشَّعيرَ خُمُسٌ، والتَّمرَ أربعةُ أخماسٍ؛ ولذلك صَحَّ أنْ يَدخُلَ في المُساقاةِ بالشَّرطِ، ولكنْ بشَرطِ اتِّفاقِ الجُزءِ كما تَقدَّمَ (٢).

وأَمَّا الشَّافعيَّةُ فقالَ «صَاحِبُ البَيانِ»: وأمَّا إِذَا كَانَ له نَخِيلٌ، أَوْ كَرْمٌ، وَبَيْنَ النَّخلِ وَالكَرمِ أَرْضٌ بَيضَاءُ، لَا يُمكِنُ سَقيُ النَّخلِ وَالكَرْمِ إِلَّا بِسَقْيِ الأَرضِ البَيضَاءِ التي بَينَهُ … نُظِرَتْ:

فَإنْ كانَتِ الأرضُ البَيضاءُ قَليلةً، والنَّخيلُ أكثَرَ مِنها … جازَ أنْ يُساقيَه على النَّخيلِ، ويُزارِعَه على الأرضِ التي بَينَها؛ لِمَا رَوَى ابنُ عُمرَ: «أنَّ النَّبيَّ عامَلَ أهلَ خَيبَرَ على شَطرِ ما يَخرُجُ مِنها مِنْ ثَمرٍ وزَرعٍ» (٣)، وَلأنَّ الحاجةَ تَدْعو إلى جَوازِ هذه المُزارَعةِ؛ لأنَّه لا يُمكِنُ سَقْيُ النَّخيلِ إلَّا بسَقْيِ الأرضِ التي بَينَها.

فَلَو قُلْنا: لا يَجوزُ المُزارَعةُ عليها … لَلَزِمَ على العامِلِ عَملٌ لا يَستَحقُّ به عِوَضًا.


(١) رواه البخاري (٢٢٠٣)، ومسلم (١٥٥١).
(٢) «المفهم لما أشكل من تخليص صحيح مسلم» (٤/ ٤١٨)، و «الموطأ» (٢/ ٧٠٨)، و «الاستذكار» (٧/ ٥٧)، و «شرح الزرقاني» (٣/ ٤٦٨).
(٣) رواه البخاري (٢٢٠٣)، ومسلم (١٥٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>