للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قُلتُ): أرَأيتَ إنْ ساقَى الرجُلُ زَرعًا وفي وَسَطِ الزَّرعِ أرضٌ بَيضاءُ لربِّ الزَّرعِ، قَليلةٌ، وهي تَبَعٌ لِلزَّرعِ، فاشترَطَ العامِلُ تلك الأرضَ لِنَفْسِه يَزرَعُها؟، قالَ: لَم أسمَعْ مِنْ مالِكٍ فيه شَيئًا، ولا أرَى به بَأْسًا، مثلَ النَّخلِ والبَياضِ إذا كانَتِ الأرضُ في الأرضِ التي فيها الزَّرعُ تَبَعًا لِلزَّرعِ، (قُلتُ): أرَأيتَ إنْ دَفَعْتُ إلى رَجُلٍ نَخلًا مُساقاةً خَمسَ سِنينَ، وفي النَّخلِ بَياضٌ، وهو تَبَعٌ لِلنَّخلِ على أنْ يَكونَ البَياضُ أوَّلَ سَنَةٍ لِلعاملِ يَزرَعُه لِنَفْسِه، ثم يَرجِعَ البَياضُ إلى ربِّ النَّخلِ يَعمَلُه ربُّ النَّخلِ لِنَفْسِه، وتَكونَ المُساقاةُ في الأرضِ الأربَعَ سِنينَ الباقيةَ في النَّخلِ وَحدَها؟، قالَ: لا يَجوزُ هذا عِندي؛ لأنَّه خَطَرٌ، (قُلتُ): وكذلك لَو أنَّ رَجُلًا أخَذَ حائِطَيْنِ مُعامَلةً مِنْ رَجُلٍ على أنْ يَعمَلَ أوَّلَ سَنةٍ الحائِطَيْنِ جَميعًا، ثم يَرُدَّ أحَدَ الحائِطَيْنِ إلى رَبِّه في السَّنةِ الثَّانيةِ ويَعمَلَ الحائِطَ الآخَرَ في السَّنةِ الثَّانيةِ وَحدَه، قالَ: لا يَجوزُ هذا أيضًا، وهو شِبهُ مَسألَتِكَ الأُولَى في النَّخلِ والبَياضِ؛ لأنَّ المَسألَتَينِ جَميعًا خَطَرٌ، ولا يَجوزُ ذلك، (قُلتُ): وهذا قولُ مالِكٍ، قالَ: لَم أسمَعْ مِنْ مالِكٍ هَذا، ولَكنَّ هذا رَأْيِي (١).

ومِنَ الأدلةِ على جَوازِ إدخالِ البَياضِ في عَقدِ المُساقاةِ: ما رَواه البُخاريُّ عن ابنِ عُمرَ : «أنَّ النَّبِيَّ عامَلَ خَيبَرَ بِشَطرِ ما يَخرُجُ منها مِنْ ثَمرٍ أو زَرعٍ، فكَانَ يُعطِي أَزوَاجَهُ مِئةَ وَسقٍ، ثَمانينَ وَسقَ تَمرٍ، وَعِشرينَ وَسقَ شَعِيرٍ، فقَسَّمَ عُمرُ خَيبَرَ، فخَيَّرَ أَزوَاجَ النَّبِيِّ أنْ يُقطِعَ لهُنَّ مِنْ المَاءِ وَالأَرْضِ، أو يُمضِيَ لهُنَّ، فَمِنهنَّ مَنِ اختَارَ


(١) «المدونة الكبرى» (١٢/ ٢٠، ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>