وإنْ ساقَى رَجُلانِ رَجُلًا على نَخيلٍ بَينَهما، فقالَ العامِلُ: شَرَطتُما لي نِصفَ الثَّمرةِ، فصَدَّقَه أحَدُهما، وقالَ الآخَرُ: بَلْ شَرَطْنا لَكَ الثُّلُثَ، لَزِمَ المُقِرَّ أنْ يَقسِمَ لِلعاملِ نِصفَ نَصيبِه، ثم يُنظَرَ فيهِ:
فَإنْ شَهِدَ على شَريكِهِ أنَّه شرطَ لِلعاملِ النِّصفَ، وكانَ عَدلًا، حلَف معه العامِلُ، وثبَتَ لِلعاملِ النِّصفُ في نَصيبِ الآخَرِ؛ لأنَّه مالٌ، والمالُ يثبُتُ بشاهِدٍ ويَمينٍ.
وإنْ لَم يكُنْ عَدلًا، أو لَم يَشهَدْ على شَريكِه، فإنَّ العامِلَ والمُنكِرَ يَتحالَفانِ، فإذا تَحالَفا انفَسخَ العَقدُ بَينَهما، وكانَ جَميعُ نَصيبِ المُنكِرِ مِنْ الثَّمرةِ لَه، وعليه لِلعاملِ أُجرةُ عَملِه في نَصيبِهِ؛ لأنَّ عَقدَ الواحِدِ مع الِاثنَيْنِ في حُكمِ العَقدَيْنِ (١).
وقالَ الحَنابِلةُ: العامِلُ أمينٌ، والقولُ قولُه فيما يدَّعيه مِنْ هَلاكٍ، وما يدَّعي عليه مِنْ خِيانةٍ؛ لأنَّ ربَّ المالِ ائتَمَنَه بدَفعِ مالِه إلَيه، فهو كالمَضارِبِ؛ فإنِ اتُّهِمَ حلَف، فإنْ ثبَتَتْ خِيانَتُه بإقرارٍ أو ببيِّنةٍ، أو بنُكولِه، ضُمَّ إليه مَنْ يُشرِفُ عليه، فإنْ لَم يُمكِنْ حِفظُه استُؤْجِرَ مِنْ مالِه مَنْ يَعمَلُ عَملَه.
وَإنِ اختَلفا في الجُزءِ المَشروطِ لِلعاملِ فالقولُ قولُ ربِّ المالِ، وكذلك إنِ اختَلفا فيما تَناوَلَتْه المُساقاةُ مِنْ الشَّجرِ؛ لأنَّ ربَّ المالِ مُنكِرٌ لِلزِّيادةِ التي ادَّعاها العامِلُ؛ فيَكونُ القولُ قَولَه، لِقَولِ النَّبِيِّ ﷺ: «البيِّنةُ على
(١) «المهذب» (٣٩٣)، و «البيان» (٧/ ٢٧٥، ٢٧٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٨٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute