للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه ليس له ذلك؛ لأنَّ فيه خَطرًا (١).

قال الحَنفيَّةُ: وإذا مات رَبُّ المالِ والمُضارَبةُ عُروضٌ فرَهنَ المُضارِبُ منها شَيئًا لَم يَجُزْ؛ لأنَّ المُضارَبةَ تَنتَقِضُ بمَوتِ رَبِّ المالِ كالشَّركةِ؛ وإنَّما يَملِكُ مِنَ التَّصرُّفِ بعدَ ذلك مَا يَنِضُّ به المالُ ويُرَدُّ رأسُ المالِ ويُقسَّمُ الرِّبحُ مع الوَرثةِ، والرَّهنُ ليس مِنْ هذا في شَيءٍ، بما لا يَملِكُ أنْ يَرهَنَ، فيَكونُ هو ضامِنًا بخِلافِ ما لو باعَ شَيئًا مِنَ المالِ؛ لأنَّه إنْ باعه بالنَّقدِ فهو تَصرُّفٌ في الذي يَنِضُّ به المالُ، وإنْ باعَه بالعَرضِ فكذلك أيضًا؛ لأنَّ هذا العَرضَ ربما لا يُشتَرى بالنَّقدِ، فتَبادُلُه بعَرضٍ آخَرَ يَشتَري ذلك منه بالنَّقدِ.

وإذا رهَن رَبُّ المالِ مَتاعًا مِنَ المُضاربةِ وفيه فَضلٌ لَم يَجُزْ؛ لأنَّ حَقَّ المُضاربِ في الفَضلِ مَملوكٌ له، فلا يَصحُّ رَهنُ رَبِّ المالِ فيه بغَيرِ رِضا المُطالِبِ فلا يَصحُّ فيما وَراءَ ذلك لِأجلِ الشُّيوعِ؛ فإذا لَم يَكُنْ فيه فَضلٌ على رأسِ المالِ فهو جائِزٌ؛ لأنَّه رَهنٌ مَلَك نَفْسَه بدَيْنه، ولكنْ يَضمَنُ قيمةَ ذلك؛ لأنَّه صارَ مُخرِجًا له مِنَ المُضارَبةِ، وكان فيه حَقٌّ لِلمُضارِبِ، ألَا تَرى أنَّه لو نَهاه عن التَّصرُّفِ فيه لا يُعمَلُ بنَهيِه فيَصيرُ ضامِنًا لِحَقِّه كما لو استَهلَكه، وعلى قَولِ زُفَرَ لا يَضمَنُ له شَيئًا (٢).

وقال الإمامُ الشافِعيُّ : ولا يَجوزُ رَهنُ المُقارِضِ؛ لأنَّ الرَّهنَ


(١) «المغني» (٥/ ١٤)، و «الكافي» (٢/ ٢٦٠)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٩).
(٢) «المبسوط» (٢١/ ١٥٥)، و «البحر الرائق» (٧/ ٢٦٤)، و «الهداية شرح البداية» (٣/ ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>