رهَنه رَهنًا ووَكَّلَه على بَيعِه عندَ حُلولِ الأجَلِ دونَ مُؤامَرةِ سُلطانٍ جازَ اتِّفاقًا؛ لأنَّه مَعروفٌ منه، ولو شرَط المُرتَهَنُ على الراهِنِ في عَقدِ البَيعِ أنَّه مُوكَّلٌ على بَيعِه دونَ مُؤامَرةِ سُلطانٍ فقيلَ: إنَّ ذلك جائِزٌ لَازِمٌ، وقاله القاضي إسماعيلُ وابنُ القَصَّارِ وعَبدُ الوَهَّابِ وأشهَبُ، وكرِه ذلك في «المُدَوَّنةِ». اه. انظُرِ: الحَطَّابَ (١).
وذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الراهِنَ إذا عَزَلَ العَدلَ قبلَ البَيعِ صَحَّ عَزلُه ولَم يَملِكِ البَيعَ عندَئِذٍ، وكذلك لِلعَدلِ أنْ يَعزِلَ نَفْسَه عن ذلك ويَترُكَ أمرَ البَيعِ لَهما؛ لأنَّ الوَكالةَ عَقدٌ جائِزٌ، فلَم يَلزَمِ المُقامُ عليها كسائِرِ الوَكالاتِ.
فأمَّا إنْ عَزَلَه المُرتَهَنُ لا يَنعَزِلُ عندَ الحَنبَليَّةِ والشافِعيَّةِ في أصَحِّ الوَجهَيْنِ؛ لأنَّ العَدلَ وَكيلُ الراهِنِ؛ إذِ الرَّهنُ مِلكُه، ولو انفَرَد بتَوكيلِه صَحَّ، فلَم يَنعزِلْ بعَزلِ غَيرِه، لكنْ لا يَجوزُ بَيعُه بغَيرِ إذْنِه، وهكذا لو لَم يَعزِلاه فحَلَّ الحَقُّ لَم يَبِعْه حتى يَستأذِنَ المُرتَهَنَ؛ لأنَّ البَيعَ لِحَقِّه فلَم يَجُزْ حتى يأذَنَ فيه، ولا يَحتاجُ إلى تَجديدِ إذْنٍ مِنَ الراهِنِ.
والوَجهُ الآخَرُ لِلشافِعيَّةِ: يَنعَزِلُ إذا عَزَلَه المُرتَهَنُ، كما لو عَزَلَه الراهِنُ؛ لأنَّه يَتصرَّفُ لهما.
(١) «أسهل المدارك» (٢/ ٣٧٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ١٠٦)، و «الإشراف» (٣/ ١٥، ١٧) رقم (٨٧٢، ٨٧٥)، و «روضة المستبين في شرح كتاب التلقين» (٢/ ١١٠٢)، و «حاشية ميارة» (١/ ١٨٣)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٥٤).