وقال أبو يُوسُفَ والمالِكيَّةُ: لا يُخرِجُ العَدلُ المُوكِّلَ ببَيعِ الرَّهنِ بعَزلِ نَفْسِه.
ب- أمَّا إذا عَزَلَ الراهِنُ أو المُرتَهَنُ العَدلَ عن البَيعِ فقد اختَلَف الفُقهاءُ فيه، هل يَصحُّ هذا العَزلُ أم لا؟
فقد نَصَّ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ على أنَّ الراهِنَ إذا وَكَّلَ العَدلَ أو المُرتَهَنَ ببَيعِ الرَّهنِ عندَ حُلولِ الأجَلِ لا يَنعَزِلُ بالعَزلِ.
قال الحَنفيَّةُ: إذا وَكَّلَ الراهِنُ المُرتَهَنَ أو العَدلَ أو غَيرَهما ببَيعِ الرَّهنِ عندَ حُلولِ الأجَلِ فالوَكالةُ جائِزةٌ؛ لأنَّه تَوكيلُ بَيعِ مالِه، فإنْ شرَط الوَكالةَ في عَقدِ الرَّهنِ فليس لِلراهِنِ عَزلُه عنها، فإنْ عَزَلَه لَم يَنعزِلْ؛ لأنَّ الوَكالةَ لمَّا شُرِطتْ في عَقدِ الرَّهنِ صارَتْ وَصفًا مِنْ أوصافِه وحَقًّا مِنْ حُقوقِه، ألَا تَرى أنَّها لِزيادةِ الوَثيقةِ فتَلزَمُ بلُزومِ أصلِه؟ ولأنَّه تَعلَّقَ به حَقُّ المُرتَهَنِ، وفي العَزلِ إبطالُ حَقِّه، وصارَ كالوَكالةِ بالخُصومةِ بطَلَبِ المُدَّعي، ولو وَكَّلَه بالبَيعِ مُطلَقْا حتى مَلَكَ البَيعَ بالنَّقدِ والنَّسيئةِ ثم نَهاه عن البَيعِ بالنَّسيئةِ لَم يَعمَلْ نَهيُه؛ لأنَّه لَازِمٌ بأصلِه، فكذا بوَصفِه، وكذا لا يَنعزِلُ بالعَزلِ الحُكميِّ كمَوتِ المُوكِّلِ وارتِدادِه ولُحوقِه بدارِ الحَربِ؛ لأنَّ الرَّهنَ لا يَبطُلُ بمَوتِه، ولو بطَل إنَّما كان يَبطُلُ لِحَقِّ الوَرَثةِ، وحَقُّ المُرتَهَنِ مُقدَّمٌ عليه، كما يَتقدَّمُ على حَقِّ الراهِنِ بخِلافِ الوَكالةِ المُفرَدةِ حيثُ تَبطُلُ بالمَوتِ ويَنعَزِلُ بعَزلِ المُوكِّلِ لِما عُرِفَ في مَوضِعِه، وهذه الوَكالةُ تُخالِفُ المُفردةَ مِنْ وُجوهٍ: منها ما ذَكَرنا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute