للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه إذا لمَسَ الرَّجلُ بَشرةَ المَرأةِ أو لمَسَت المَرأةُ بَشرةَ الرَّجلِ بلا حائِلٍ بينَهما انتُقضَ وُضوءُ اللَّامسِ والمَلموسِ بكلِّ حالٍ، سَواءٌ كان لشَهوةٍ أو لغيرِ شَهوةٍ؛ لقَولِه تَعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣]، وقرأها ابنُ مَسعودٍ: ﴿أو لمستم النساء﴾، وحَقيقةُ اللَّمسِ مُلاقاةُ البَشرتَين، قالَ اللهُ تَعالى مُخبرًا عن الجِنِّ أنَّهم قالوا: ﴿وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ﴾ [الجن: ٨]، وقالَ الشاعِرُ:

لمَستُ بكَفِّي كَفَّه أَبتَغي الغِنى

وقالَ الإمامُ الشافِعيُّ في مُسندِه: أخبَرَنا مالِكٌ عن ابنِ شِهابٍ عن سالِمٍ عن أبيه قالَ: «قُبلةُ الرَّجلِ امرَأتَه أو جَسُّها بيَدِه من المُلامَسةِ فمَن قبَّلَ امرَأتَه أو جسَّها بيَدِه فعليه الوُضوءُ» (١).

والمُرادُ بالمَرأةِ المَرأةُ الأجنَبيةُ التي يَجوزُ للإِنسانِ الزَّواجُ بها، وكذا الزَّوجةُ، أمَّا المُحرَّمةُ التي لا يَحلُّ له الزَّواجُ بها فلا يَنتقضُ الوُضوءُ بلَمسِها، وكذلك لا يَنتقضُ الوُضوءُ بلَمسِ الأجنَبيةِ الصَّغيرةِ التي لا تُشتَهى (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والإمامُ أحمدُ في المَشهورِ عنه إلى أنَّ اللَّمسَ إنْ كانَ لشَهوةٍ نقَضَ وإلا فلا.

قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : مَسألةٌ: في لَمسِ النِّساءِ هل يَنقضُ الوُضوءَ، أو لا؟


(١) «مسند الشافعي» (١/ ١١).
(٢) «المجموع» (٢/ ٣٠)، و «المهذب» (١/ ٢٣)، و «المغني» (١/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>