للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجَوابُ: الحَمدُ للهِ؛ أمَّا نَقضُ الوُضوءِ بلَمسِ النِّساءِ فللفُقهاءِ فيه ثَلاثةُ أَقوالٍ، طَرفانِ ووَسطٌ: أضعَفُها: أنَّه يُنقضُ باللَّمسِ، وإنْ لم يَكنْ لشَهوةٍ إذا كان المَلموسُ مَظِنَّةً للشَّهوةِ، وهو قَولُ الشافِعيِّ تَمسُّكًا بقَولِه تَعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] وفي القِراءةِ الأُخرى: ﴿أو لمستم﴾.

القَولُ الثاني: أنَّ اللَّمسَ لا يَنقضُ بحالٍ، وإنْ كانَ لشَهوةٍ، كقَولِ أبي حَنيفةَ وغيرِه، وكلا القَولَينِ يُذكرُ رِوايةً عن أحمدَ، لكنَّ ظاهِرَ مَذهبِه كمَذهبِ مالِكٍ، والفُقهاءُ السَّبعةُ على أنَّ اللَّمسَ إنْ كانَ لشَهوةٍ نقَضَ، وإلا فلا، وليسَ في المَسألةِ قَولٌ مُتوجَّهٌ إلا هذا القَولَ أو الذي قبلَه.

فأمَّا تَعليقُ النَّقضِ بمُجردِ اللَّمسِ فهذا خِلافُ الأُصولِ، وخِلافُ إِجماعِ الصَّحابةِ، وخِلافُ الآثارِ، وليسَ مع قائِلِه نَصٌّ ولا قياسٌ؛ فإنْ كانَ اللَّمسُ في قَولِه تَعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] إذا أُريدَ به اللَّمسُ باليَدِ والقُبلةُ ونَحوُ ذلك -كما قالَه ابنُ عُمرَ وغيرُه- فقد عُلمَ أنَّه حيثُ ذُكرَ مِثلُ ذلك في الكِتابِ والسُّنةِ؛ فإنَّما يُرادُ به ما كانَ لشَهوةٍ، مِثلَ قَولِه في آيةِ الاعتِكافِ: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] ومُباشرةُ المُعتكِفِ لغيرِ شَهوةٍ لا تَحرمُ عليه بخِلافِ المُباشرةِ لشَهوةٍ.

وكذلك المُحرِمُ الذي هو أشَدُّ لو باشَرَ المَرأةَ لغيرِ شَهوةٍ لم يَحرُمْ عليه، ولم يَجبْ عليه به دَمٌ.

وكذلك قَولُه: ﴿ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [لقمان: ٤٩] وقَولُه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٦]؛ فإنَّه لو

<<  <  ج: ص:  >  >>