للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا آيةُ: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] فقد نُقلَ عن ابنِ عَباسٍ أنَّ المُرادَ من اللَّمسِ: هو الجِماعُ. وهو تَرجُمانُ القُرآنِ.

ولأنَّ الوُجوبَ من الشَّرعِ، ولم يَرِدْ بهذا شَرعٌ ولا هو في مَعنى ما ورَدَ الشَّرعُ به (١).

قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وكذلك مَسُّ النِّساءِ لشَهوةٍ إذا قيلَ باستِحبابِه، فهذا يُتوجَّهُ، وأمَّا وُجوبُ ذلك فلا يَقومُ الدَّليلُ إلا على خِلافِه، ولا يَقدرُ أحدٌ قَطُّ على أنْ يَنقُلَ عن النَّبيِّ أنَّه كانَ يأمُرُ أَصحابَه بالوُضوءِ من مَسِ النِّساءِ، ولا من النَّجاساتِ الخارِجةِ لعُمومِ البَلوى بذلك، وقَولُه تَعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [النساء: ٤٣] المُرادُ به الجِماعُ، كما فسَّرَه بذلك ابنُ عَباسٍ وغيرُه لوُجوهٍ مُتعدِّدةٍ (٢).

ثم قالَ: والأظهَرُ أنَّه لا يَجبُ الوُضوءُ من مَسِّ الذَّكرِ ولا النِّساءِ، ولا من خُروجِ النَّجاساتِ من غيرِ السَّبيلَينِ ولا من القَهقَهةِ، ولا غُسلِ المَيتِ؛ فإنَّه ليسَ مع المُوجِبين دَليلٌ صَحيحٌ، بل الأدِلةُ الراجِحةُ تَدلُّ على عَدمِ الوُجوبِ، لكنَّ الاستِحبابَ مُتوجَّهٌ ظاهِرٌ فيُستحبُّ أنْ يَتوضَّأَ من مَسِّ النِّساءِ لشَهوةٍ (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ١١٩، ١٢١)، ورد المحتار (١/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «المغني» (١/ ٢٤٩).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٢٥).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٢٦، ٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>