للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما، ولأنَّ العَقدَ صَحيحٌ وأحَدُهما ظالِمٌ، وإنَّما يَفسَخُه الحاكِمُ لِتعذُّرِ إمضائِه في الحُكمِ، فأشبَهَ نِكاحَ المَرأةِ إذا زَوَّجَها الوَليَّانِ وجَهِلَ السابِقُ منهما.

وإذا فُسِخَ العَقدُ نَفَذَ ظاهِرًا عندَ الناسِ، وباطِنًا عندَ اللَّهِ ، عندَ المالِكيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ والشافِعيَّةِ في وَجهٍ؛ لأنَّه فَسخٌ لِاستِدراكِ الظُّلامةِ، فهو كالرَّدِّ بالعَيبِ، أو فَسخُ عَقدٍ بالتَّحالُفِ، فوقَع في الظاهِرِ والباطِنِ، كالفَسخِ باللِّعانِ، فيَجوزُ تَصرُّفُ البائِعِ في المَبيعِ بجَميعِ أوجُهِ التَّصرُّفِ، ولو كانَ هو الظالِمَ في الواقِعِ.

وقال الشافِعيَّةُ في وَجهٍ والحَنابِلةُ في قَولٍ: إنْ كانَ البائِعُ ظالِمًا لَم يُفسَخِ العَقدُ في الباطِنِ؛ لأنَّه كانَ يُمكِنُه إمضاءُ العَقدِ، واستيفاءُ حَقِّه، فلا يَنفسِخُ العَقدُ في الباطِنِ، ولا يُباحُ له التَّصرُّفُ في المَبيعِ؛ لأنَّه غاصِبٌ، فإنْ كانَ المُشتَري ظالِمًا انفسخَ البَيعُ ظاهِرًا وباطِنًا؛ لِعَجزِ البائِعِ عن استيفاءِ حَقِّه، فكانَ له الفَسخُ، كما لو أفلَسَ المُشتَري.

وفي وَجهٍ ثالِثٍ لِلشافِعيَّةِ: لا يَنفسِخُ في الباطِنِ بحالٍ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وهذا فاسِدٌ؛ لأنَّه لو عَلِم أنَّه لَم يَنفسِخْ في الباطِنِ بحالٍ، لَمَا أمكَنَ فَسخُه في الظاهِرِ؛ فإنَّه لا يُباحُ لِكُلِّ واحِدٍ منهما التَّصرُّفُ فيما رجَع إليه بالفَسخِ، ومتى عَلِم أنَّ ذلك مُحرَّمٌ مُنِعَ منه، ولأنَّ الشارِعَ جعَل لِلمَظلومِ منهما الفَسخَ ظاهِرًا وباطِنًا، فانفسخَ بفَسخِه في الباطِنِ، كالرَّدِّ بالعَيبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>