للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخَرِ؛ لِحَديثِ ابنِ مَسعودٍ مَرفوعًا: «إذا اختلَف المُتبايِعانِ وليسَ بينَهما بَيِّنةٌ فالقَولُ ما يَقولُ صاحِبُ السِّلعةِ، أو يَترادَّانِ» رَواه أحمدُ وأبو داودَ والنِّسائيُّ وابنُ ماجه، وزادَ فيه: «والبَيعُ قائِمٌ بعَينِه»، ولِأحمدَ في رِوايةٍ: «والسِّلعةُ كما هي»، وفي لَفظُ: «تَحالَفا» (١). ولا يَنفسِخُ العَقدُ بالتَّحالُفِ نَفْسِه عندَ الحَنابِلةِ في المَذهبِ؛ لأنَّه عَقدٌ صَحيحٌ، فتَنازُعهما وتَعارُضهما لا يَفسَخُه، كما لو أقامَ كلُّ واحِدٍ منهما بَيِّنةً بما ادَّعاه، لكنْ إنْ رَضيَ أحَدُهما بما قالَ صاحِبُه، أو حلَف أحَدُهما ونكَل الآخَرُ أُقِرَّ العَقدُ بينَهما.

وإن لَم يَرضَيا فلِكُلِّ واحِدٍ منهما الفَسخُ بلا حُكمِ حاكِمٍ عندَ الشافِعيَّةِ في المَذهبِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ وفي قَولٍ لِلمالِكيَّةِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «أو يَترادَّانِ البَيعَ»، وظاهِرُه استِقلالُهما بذلك، وفي القِصَّةِ أنَّ ابنَ مَسعودٍ باعَ لِلأشعَثِ بنِ قَيسٍ رَقيقًا مِنْ رَقيقِ الإمارةِ فقال عَبدُ اللَّهِ : بِعتُكَ بعِشرينَ ألْفًا، قال الأشعَثُ: اشترَيتُ منكَ بعَشَرةِ آلافٍ، فقال عَبدُ اللَّهِ : سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ يَقولُ: «إذا اختلَف البَيِّعانِ وليسَ بينَهما بَيِّنةٌ والمَبيعُ قائِمٌ بعَينِه، فالقَولُ قَولُ البائِعِ، أو يَترادَّانِ البَيعَ»، قالَ: فإنِّي أرُدُّ البَيعَ، ولأنَّه فَسخٌ لِاستِدراكِ الظُّلامةِ أشبَهَ الرَّدَّ بالعَيبِ.

وقال المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ في قَولٍ وهو وَجهٌ لِلحَنابِلةِ: لا يَنفسِخُ بمُجرَّدِ التَّحالُفِ، بَلْ لا بدَّ مِنْ حُكمِ حاكِمٍ؛ لأنَّه فَسخٌ مُجتَهَدٌ فيه، فلا يَفسَخُ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: دونَ اللَّفظِ الأخيرِ، وله عنه سِتُّ طُرقٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>