وقالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ ﵀: مَنْ حدَث عندَه عَيبٌ بما اشتَراه ثم عَلِمَ بعَيبٍ كانَ به عندَ البائِعِ فإنْ كانَ العَيبُ الذي حدَث عندَ المُشتَري خَفيفًا لا يَنقُصُ مِنْ الثَّمنِ إلَّا ما لا قَدْرَ له، مثلَ الحُمَّى الخَفيفةِ في الرَّقيقِ، والصُّداعِ والرَّمَدِ الخَفيفِ، أو صَدْعِ جِسمٍ، أو كَيٍّ خَفيفٍ، أو وَجَعٍ ليسَ بمَخوفٍ، رَدَّه على البائِعِ بالعَيبِ الذي كانَ به بما يَنقُصُ مِنْ الثَّمنِ ولا شَيءَ عليه، وإنْ كانَ العَيبُ الذي حدَث عندَه يَنقُصُ مِنْ الثَّمنِ ولَم يَكُنْ عَيبًا مُفسِدًا رَدَّه أيضًا، ورَدَّ ما نقَصه العَيبُ الحادِثُ عندَه.
وإنْ كانَ عَيبًا مُفسِدًا رجَع بأرشِ العَيبِ الذي وُجدَ به ممَّا كانَ عندَ البائِعِ، وحَبَسَ العَبدَ، وقد قيلَ: إنَّ له الخيارَ في العَيبِ المُفسِدِ إنْ حدَث عندَه بينَ أنْ يَرُدَّ المَبيعَ وما نقَصه العَيبُ الحادِثُ عندَه، وبينَ أنْ يُمسِكَه ويَرجِعَ بأرشِ العَيبِ الذي وُجدَ به، وسَواءٌ كانَ البائِعُ دلَّس أو لَم يُدلِّسْ في الرَّقيقِ خاصَّةً، وليسَ الرَّقيقُ في ذلك كغيرِهم عندَهم (١).
هَذا إذا لَم يَكُنِ البائِعُ دلَّس العَيبَ؛ فالمُدلِّسُ الآثِمُ يَتحمَّلُ تَبِعةً تَدليسِه، ولِذلك قالَ المالِكيَّةُ: لُزومُ أرشِ العَيبِ الحادِثِ عندَ المُبتاعِ إذا اختارَ الرَّدَّ؛ هو حَقُّ غيرِ المُدلِّسِ.