للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصَحُّهما: لا، ولو تَراضَيا، ولا قَضاءَ؛ فالأصَحُّ أنَّ له الفَسخَ (١).

وذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ والحَنابِلةُ في أصَحِّ الرِّوايتَيْنِ إلى أنَّ المُشتَريَ مُخيَّرٌ، إنْ شاءَ أمسَكَه وله الأرشُ، وإنْ شاءَ رَدَّه ويَرُدُّ أرشَ العَيبِ الحادِثِ عندَه ويَأخُذُ الثَّمنَ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : لَنا: حَديثُ المُصَرَّاةِ؛ فإنَّ النَّبيَّ أمَرَ برَدِّها بعدَ حَلبِها، ورَدِّ عِوَضِ لَبَنِها، واحتَجَّ أحمدُ بأنَّ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ قَضى في الثَّوبِ إذا كانَ به عَوارٌ برَدِّه، وإنْ كانَ قد لَبِسَه، ولأنَّه عَيبٌ حدَث عندَ المُشتَري؛ فكانَ له الخيارُ بينَ رَدِّ المَبيعِ وأرشِه، وبينَ أخْذِ أرشِ العَيبِ القَديمِ، كما لو كانَ حُدوثُه لِاستِعلامِ المَبيعِ، ولأنَّ العَيبَيْنِ قد استَوَيا والبائِعَ قد دلَّس به، والمُشتَريَ لَم يُدلِّسْ، فكانَتْ رِعايةُ جانِبِه أوْلَى، ولأنَّ الرَّدَّ كانَ جائِزًا قبلَ حُدوثِ العَيبِ الثاني فلا يَزولُ إلَّا بدَليلٍ، وليسَ في المَسألةِ إجماعٌ ولا نَصٌّ، والقياسُ إنَّما يَكونُ على أصلٍ، وليسَ لِمَا ذَكَروه أصلٌ، فيَبقَى الجَوازُ بحالِه.

إذا ثبَت هذا فإنَّه يَرُدُّ أرشَ العَيبِ الحادِثِ عندَهُ؛ لأنَّ المَبيعَ بجُملَتِه مَضمونٌ عليه؛ فكذلك أجزاؤُه، وإنْ زالَ العَيبُ الحادِثُ عندَ المُشتَري رَدَّه ولا أرشَ مَعَه على كِلتا الرِّوايتَيْنِ، وبِه قالَ الشافِعيُّ؛ لأنَّه زالَ المانِعُ مع قيامِ السَّببِ المُقتَضي لِلرَّدِّ، فثبَت حُكمُه (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ١٣٢، ١٣٣)، و «الإقناع» (٢/ ٢٨٨).
(٢) «المغني» (٤/ ١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>