للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلعَيبِ الحادِثِ عندَه، إلَّا أنْ يَفوتَ فَواتًا يَمنَعُ مِنْ الرَّدِّ؛ كهَلاكِه، أو فَواتِ أكثَرِ مَنافِعِه، فيَتعيَّنُ أخذُ أرشِ العَيبِ القَديمِ (١).

وقالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : ومَن باعَ ثَوبًا فقطَعه المُشتَري وخاطَه ثم ظهَر مِنه على عَيبٍ كانَ عندَ البائِعِ؛ فإنْ كانَ البائِعُ كتَمه العَيبَ رَدَّه ورجَع عليه بقيمةِ الخياطةِ، وأخَذ الثَّمنَ مُوفَّرًا، ولا شَيءَ عليه، ممَّا نقَصه القَطعُ؛ لأنَّ البائِعَ سَلَّطَه على ذلك وأذِنَ له فيه إذا دلَّس له بالعَيبِ وكتَمه ذلك، هذا إذا قطَعه المُشتَري قَطْعَ مِثلِه، وكانَ قَطعُه فسادًا، ثم رَدَّه بالعَيبِ الذي دلَّس به البائِعُ، رَدَّ قيمةَ ما نقَصه القَطعُ، وإنْ كانَ البائِع لَم يَعلَم بالعَيبِ، فالمُشتَري بالخيارِ بينَ أنْ يَرُدَّه ويَرُدَّ ما نقَصه القَطعُ -وقيمةُ الخياطةِ داخِلةٌ في قيمَتِه- وبينَ أنْ يُمسِكَه ويَأخُذَ أرشَ العَيبِ، ولِلبائِعِ أنْ يَحلِفَ المُشتَري ما عَلِمَ بالعَيبِ قبلَ القَطعِ، ولا لَبِسَه بعدَ العِلمِ، وإنْ ظهَر المُشتَري على العَيبِ قبلَ القَطعِ كانَ مُخيَّرًا بينَ أنْ يُمسِكَه ولا شَيءَ له، وبينَ أنْ يَرُدَّه ويَأخُذَ الثَّمنَ، سَواءٌ كانَ البائِعُ عَلِمَ بالعَيبِ أو لَم يَعلَم، ولو وجَد المُشتَري عَيبًا بالثَّوبِ كانَ عندَ البائِعِ وهو قد صَبَغَ الثَّوبَ صَبغًا زاد في ثَمَنِه، أو عَمِلَ فيه عَمَلًا يَزيدُ في قيمَتِه، كانَ بالخيارِ، إنْ شاءَ أخَذ مِنْ البائِعِ قيمةَ العَيبِ ولَبِسَ الثَّوبَ، وإنْ شاءَ رَدَّه، وكانَ شَريكًا لِلبائِعِ بما زادَ فيه عَمَلُه، وهذا مَعنَى قَولِ مالِكٍ في المُوطَّأِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : إلَّا أنْ يَكونَ البائِعُ دلَّس العَيبَ، فيَلزَمَه رَدُّ الثَّمنِ كامِلًا، وكذلك سائِرُ المَبيعِ، ومَعنَى دلَّس العَيبَ: كتَمه عن المُشتَري مع عِلمِه


(١) «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٧١٣).
(٢) «الكافي» (٣٥٠، ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>