١٢ - في الكَفالةِ والضَّمان: قالَ الحَنفيَّةُ وابنُ حامِدٍ وابنُ الجَوزيِّ مِنْ الحَنابِلةِ: يَصحُّ خِيارُ الشَّرطِ في الكَفالةِ بنَفْسٍ أو مالٍ، ويَصحُّ الخِيارُ فيها لِلمَكفولِ له ولِلكَفيلِ.
وقالَ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ: لا يثبُتُ فيها خِيارُ الشَّرطِ؛ لأنَّ الخِيارَ جُعِلَ لِيُعرَفَ ما فيه الحَظُّ، والضَّمينُ والكَفيلُ على بَصيرةٍ أنَّه لا حَظَّ لَهما، ولأنَّه عَقدٌ لا يَفتقِرُ إلى القَبولِ لَم يَدخُلْه خِيارٌ، كالنَّذرِ، ولأنَّ الضَّامِنَ يَدخُلُ فيهما مُتطوِّعًا مع الرِّضا بالعَينِ، ولِهذا يُقالُ: الكَفالةُ: أوَّلُها نَدامةٌ، وأوسَطُها مَلامةٌ، وآخِرُها غَرامةٌ.
فَإنْ شُرِطَ الخِيارُ فيهما قالَ القاضي: عِندي أنَّ الكَفالةَ تَبطُلُ، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنَّه شَرطٌ على ما يُنافي مُقتَضاها، ففَسَدتْ، كما لو شرَط ألَّا يُؤَدِّيَ ما على المَكفولِ به؛ وذلك لأنَّ مُقتَضى الضَّمانِ والكَفالةِ لُزومُ ما ضمِنه أو تَكفَّلَ به، والخِيارُ يُنافي ذلك.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ويُحتمَلُ أنْ يَبطُلَ الشَّرطُ وتَصحَّ الكَفالةُ، كما قُلْنا في الشُّروطِ الفاسِدةِ في البَيعِ، ولو أقَرَّ بأنَّه كَفَلَ بشَرطِ الخِيارِ لزِمتْه الكَفالةُ وبطَل الشَّرطُ؛ لأنَّه وَصَلَ بإقرارِه ما يُبطِلُه؛ فأشبَهَ استِثناءَ الكُلِّ (١).
١٣ - في الشُّفعةِ: يثبُتُ خِيارُ الشَّرطِ في الشُّفعةِ عندَ الحَنفيَّةِ، ولا يثبُتُ فيها خِيارُ الشَّرطِ عندَ الشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ؛ لأنَّها لا تَقِفُ على التَّراضي ومَن لا يُعتبَرُ رِضاه لا خِيارَ له، وإذا لَم يَثبُتْ في أحَدِ طَرَفَيْه لَم يَثبُتْ في الآخَرِ، كسائِرِ العُقودِ.