للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا حُكمُ كلِّ شَرطٍ فسَد، كشَرطِ لَبَنِ حَيَوانٍ مَبيعٍ مُدَّةً مَعلومةً، كشَهرٍ مَثَلًا؛ لِجَهالةِ قَدْرِ اللَّبَنِ في المُدَّةِ، وكشَرطِ نَفْعِ دابَّةٍ بِيعَتْ على أنْ يَنتَفِعَ بها البائِعُ ما شاءَ، ثم يُسَلِّمَها لِلمُشتَرِي؛ فهذا الشَّرطُ فاسِدٌ؛ لأنَّ النَّفعَ غيرُ مَعلومٍ، وحينَئذٍ لِلمُشتَرِي الخِيارُ.

ومَن قالَ لِغَريمِه: بِعْني هذا الشَّيءَ على أنْ أقَضِيَكَ دَيْنَكَ مِنه؛ فباعَه إيَّاه، صَحَّ البَيعُ، لا الشَّرطُ؛ لأنَّه شرَط ألَّا يَتصرَّفَ فيه بغيرِ القَضاءِ، ومُقتَضى البَيعِ أنْ يَتصرَّفَ مُشتَرٍ بما يَختارُ، ولِلبائِعِ الفَسخُ أو أخْذُ أرْشِ نَقصِ ثَمَنٍ على ما تَقدَّمَ.

وإنْ قالَ رَبُّ دَيْنٍ: اقضِني دَيْني على أنْ أبيعَكَ كذا بكذا؛ فقَضاه دَيْنَه؛ صَحَّ القَضاءُ؛ لأنَّه أقبَضَه دَيْنَه فَقط؛ أي: دونَ بَيعٍ مَشروطٍ؛ لأنَّه مُعلَّقٌ على القَضاءِ، ولأنَّ البَيعَ لا يَصحُّ تَعليقُه.

وإنْ قالَ رَبُّ دَيْنٍ: اقضِني أجوَدَ مِنْ مالي عليكَ، على أنْ أبيعَكَ كذا؛ ففَعَلا؛ أي: قَضاه حَقَّه أجوَدَ، وباعَه ما وَعَدَه به؛ فالبَيعُ والقَضاءُ باطِلانِ، ويَرُدُّ الأجوَدَ قابِضُه، ويُطالَبُ بمِثلِ دَيْنِه؛ لأنَّ المَدِينَ لَم يَرْضَ بدَفعِ الأجوَدِ إلَّا طَمَعًا في حُصولِ المَبيعِ له، ولَم يَحصُلْ؛ لِبُطلانِ البَيعِ؛ لأنَّه بَيعَتانِ في بَيعةٍ.

النَّوعُ الثَّالثُ: شَرطٌ لا يَنعقِدُ معه بَيعٌ، وهو المُعلَّقُ عليه البَيعُ: كبِعتُكَ كذا إنْ جِئتَني، أو إنْ رَضيَ زَيدٌ بكذا، أو اشتَرَيتُ كذا كذا بكذا إنْ جِئتَني، أو إنْ رَضيَ زَيدٌ، أو إنْ جاءَ رَأْسُ الشَّهرِ مَثَلًا؛ لأنَّه عَقدُ مُعاوَضةٍ يَقتَضي نَقلَ المِلْكِ حالَ العَقدِ، ولأنَّ الشَّرطَ يَمنَعُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>