للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ كلَّ من وصَفَ وُضوءَ النَّبيِّ مُستقصيًا ذكَرَ أنَّه تَمضمَضَ واستَنشَقَ، ومُداومتُه عليهما تَدلُّ على وُجوبِهما؛ لأنَّ فِعلَه يَصلحُ أنْ يَكونَ بَيانًا وتَفصيلًا للوُضوءِ المَأمورِ به في كِتابِ اللهِ، وكَونُهما من الفِطرةِ لا يَنفي وُجوبَهما، لاشتِمالِ الفِطرةِ على الواجِبِ والمَندوبِ (١).

القَولُ الرابِعُ: ذهَبَ الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الاستِنشاقَ واجِبٌ في الوُضوءِ والغُسلِ دونَ المَضمَضةِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «مَنْ تَوضَّأ فليَستَنثرْ» (٢). وفي رِوايةٍ: «إذا تَوضَّأ أحدُكم فليَجعَلْ في أنْفِه ماءً ثم ليَنتثِرْ» (٣).

وعن أبي هُرَيرةَ مَرفوعًا: «من تَوضَّأ فليَستَنشِقْ» (٤)، وعن ابنِ عَباسٍ مَرفوعًا: «استَنثِرُوا مرَّتينِ بالِغتَينِ أو ثَلاثًا» (٥).

وهذا أمرٌ يَقتَضي الوُجوبَ؛ ولأنَّ الأنفَ لا يَزالُ مَفتوحًا وليسَ له غِطاءٌ يَستُرُه بخِلافِ الفَمِ (٦).


(١) «المغني» (١/ ١٤٤)، و «الإنصاف» (١/ ١٥٣)، و «الإفصاح» (١/ ٦٥).
(٢) رواه البخاري (١٦١)، ومسلم (١/ ٢١٢، ٥١٨).
(٣) رواه البخاري (١٦٢)، ومسلم (١/ ٢١٢).
(٤) رواه مسلم (١/ ٢١٢).
(٥) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (١٤١)، وابن ماجه (٤٠٨)، وأحمد (٢٠١١).
(٦) «المغني» (١/ ١٤٣)، و «الإنصاف» (١/ ١٥٢)، و «المجموع» (٢/ ٣٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>