للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الماءِ الذي أخَذَ لرَأسِه» (١)؛ ولأنَّه عُضوٌ يَتميَّزُ عن الرأسِ في الاسمِ والخِلقةِ فلا يَتبَعُه في الطَّهارةِ كسائِرِ الأَعضاءِ.

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ السُّنةَ عندَهم أنْ يَمسحَ الأُذنَينِ بماءِ الرأسِ؛ لمَا رُويَ عن النَّبيِّ : «الأُذنانِ من الرَّأسِ» ومَعلومٌ أنَّه ما أرادَ بَيانَ الخِلقةِ، بل أرادَ بَيانَ الحُكمِ، فواجِبٌ إذا كانَ كذلك أنْ تُمسَحا معه بماءٍ واحِدٍ كما يُمسحُ سائِرُ أَبعاضِ الرأسِ، إلا أنَّه لا يَنوبُ المَسحُ عليهما عن مَسحِ الرأسِ؛ لأنَّ دَليلَ مَسحِ الرأسِ ثبَتَ بدَليلٍ مَقطوعٍ به.

قالَ ابنُ عابِدينَ نَقلًا عن «الخُلاصة»: ولو أخَذَ لأُذنَيه ماءً جَديدًا فهو حَسنٌ، وذكَرَه رِوايةً عن أبي حَنيفةَ.

قالَ في «البَحرِ»: فاستُفيدَ منه أنَّ الخِلافَ بينَنا وبينَ الشافِعيِّ في أنَّه إذا لم يَأخذْ ماءً جَديدًا ومسَحَ بالبَلَّةِ الباقيةِ هل يَكونُ مُقيمًا للسُّنةِ؟ فعندَنا نَعمْ، وعندَه لا. أمَّا لو أخَذَ ماءً جَديدًا مع بَقاءِ البَلَّةِ؛ فإنَّه يَكونُ مُقيمًا للسُّنةِ اتِّفاقًا (٢).


(١) رواه الحاكم (١/ ٢٥٢، ٢٥٣)، والبيهقي (٣١٣)، وقالَ: إسناده صحيح، وحسنه النووي في «المجموع» (١/ ٣٦٨)، ولكنْ أعَلَّ الشَّيخُ الألبانِيُّ هذه اللَّفظةَ، ألا وهي: «فأخَذَ لأُذُنَيه ماءً خِلافَ الماءِ الذي أخَذَ لرَأسِه» بالشُّذوذِ، والصَّوابُ: ومسَحَ برأسِه بماءٍ غيرِ فَضلِ يَدَيه كما في الضَّعيفةِ (٢/ ٤٩٤)، (٣/ ٤٥).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٤٣)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٣٦١)، و «بدائع الصنائع» (١/ ٩٧)، و «البحر الرائق» (١/ ٢٨)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٥)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٥٩)، و «الأوسط» (١/ ٤٠٥)، و «مواهب الجليل» (١/ ٢٤٨)، و «المجموع» (١/ ٤٦٨، ٤٧٠)، و «كفاية الأخيار» ص (٦٨)، و «المغني» (١/ ١٣٠)، و «كشاف القناع» (١/ ١٠٠)، و «منار السبيل» (١/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>