أمَّا الإمامُ أبو حَنيفةَ ﵀: فقال بهذا القولِ فيمَن قدِر على الحَجِّ وهو صَحيحٌ ثم عجَز؛ أمَّا من لم يَملِكْ مالًا حتى عجَز عن الأداءِ بنَفسِه فلا.
قال ابنُ عابدينَ ﵀: مَحلُّ وُجوبِ الإحجاجِ عن العاجزِ إذا قدِر عليه ثم عجَز بعدَ ذلك عندَ الإمامِ أبي حَنيفةَ، وعندَهما -أي: أبي يُوسفَ ومُحمدٍ- يَجبُ الإحجاجُ عليه إنْ كان له مالٌ، ولا يُشترَطُ أنْ يَجبَ عليه، وهو الصَّحيحُ.
والحاصِلُ: أنَّ من قدِر على الحَجِّ وهو صَحيحٌ، ثم عجَز لزِمه الإحجاجُ اتِّفاقًا؛ أما لو لم يَملكْ مالًا حتى عجَز عن الأداءِ بنَفسِه فهو على الخِلافِ، وأصلُه أنَّ صِحةَ البَدنِ شَرطٌ للوُجوبِ عندَه، ولوُجوبِ الأداءِ عندَهما، وقدَّمنا أولَ الحَجِّ اختِلافَ التَّصحيحِ، وأنَّ قولَ الإمامِ هو المَذهبُ (١).
وذهَب المالِكيةُ إلى أنَّ مَنْ هذه حالُه لا حجَّ عليه؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾، وهذا غيرُ مُستطيعٍ؛ لأنَّ هذه عِبادةٌ لا تَدخلُها النِّيابةُ مع القُدرةِ، فلا تَدخلُها مع العَجزِ، كالصَّومِ والصَّلاةِ.
قال الإمامُ القُرطبيُّ ﵀: قال مالكٌ: إذا كان مَعضوبًا سقَط عنه فَرضُ الحَجِّ أصلًا، سَواءٌ كان قادِرًا على من يحُجُّ عنه بالمالِ أو بغيرِ المالِ، لا يَلزمُه فَرضُ الحَجِّ، ولو وجَب عليه الحَجُّ ثم عطَب وزمِن سقَط عنه