للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبقَ من الشَّهرِ إلا يَومُ السَّبتِ؛ فإنَّه يَصومُه وَحدَه، وأيضًا فقَصدُه بعَينِه في الفَرضِ لا يُكرَهُ بخِلافِ قَصدِه بعَينِه في النَّفلِ؛ فإنَّه يُكرَهُ، ولا تَزولُ الكَراهةُ إلا بضَمِّ غَيرِه إليه أو مُوافَقتِه عادةً، فالمُزيلُ لِلكَراهةِ في الفَرضِ مُجرَّدُ كَونِه فَرضًا، لا المُقارَنةُ بينَه وبينَ غَيرِه، وأمَّا في النَّفلِ فالمُزيلُ لِلكَراهةِ ضَمُّ غَيرِه إليه، أو مُوافَقتُه عادةً ونَحوَ ذلك، قالوا: وأمَّا قَولُكم: إنَّ الاستِثناءَ دَليلُ التَّناوُلِ إلى آخِرِه فلا رَيبَ أنَّ الاستِثناءَ أخرَجَ صُورةَ الفَرضِ من عُمومِ النَّهيِ، فصُورةُ الاقتِرانِ بما قبلَه أو بما بعدَه أُخرِجت بالدَّليلِ الذي تَقدَّم، فكِلا الصُّورتَيْن مُخرَجةٌ: أمَّا الفَرضُ فبالمُخرَجِ المُتَّصِلِ، وأمَّا صَومُه مُضافًا فبالمُخرَجِ المُنفَصِلِ، فبَقيَت صُورةُ الإفرادِ واللَّفظُ مُتناوِلٌ لها، ولا مُخرَجَ لها من عُمومِه فيَتعَيَّنُ حَملُه عليها (١).

وذهَب المالِكيَّةُ وشَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى أنَّه يَجوزُ إفرادُ يَومِ السَّبتِ بدونِ كَراهةٍ، واستدَلُّوا على ذلك بعِدَّةِ أحاديثَ كلُّها تَدُلُّ على صيامِ يَومِ السَّبتِ، وأنَّ الحَديثَ الوارِدَ في النَّهيِ عن صَومِ يَومِ السَّبتِ ضَعيفٌ لا يَصحُّ، أو مَنسوخٌ. وهذه الأحاديثُ هي:

أ- حَديثُ جُوَيريةَ بِنتِ الحارِثِ أَنَّ النَّبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهي صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ». قَالَتْ لا. قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا». قَالَتْ لا. قَالَ «فَأَفْطِرِي» (٢).


(١) «حاشية سنن أبي داود» (٧/ ٥١).
(٢) رواه البخاري (١٨٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>