للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَولُه: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا» يَعني يَومَ السَّبتِ، فدَلَّ بمَفهومِ المُخالَفةِ أنَّها لو جمَعت مع يَومِ الجُمعةِ يَومَ السَّبتِ لَقالَ لها: صُومي؛ ولَدَلَّ ذلك على الجَوازِ.

ب- حَديثُ عَبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ قال: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ، فَقُلْتُ لَهُ قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَالَ: «فإنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ فإنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ، قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ»، قُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: «فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ ، وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيامِ»، فَقُلْتُ: إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ : «لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ».

فلَمَّا كَبِر عَبدُ اللهِ قال: لَأنْ أكونَ انتَهَيتُ إلى ما أمَرَني به رَسولُ اللهِ أحَبُّ إلَيَّ مما طَلَعت عليه الشَّمسُ، ولكنْ لا أدَعُ فَريضةً فرَضها علَيَّ رَسولُ اللهِ ، وكان يَقولُ: «يا لَيْتَني قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبيِّ» (١).

دَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّه لا يَمُرُّ عليه أُسبُوعانِ إلا ويَصومُ يَومَ سَبتٍ.

ج- وحَديثُ أبي هُرَيرةَ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ، يَقُولُ: «لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ» (٢). فاليَومُ الذي بعدَه هو يَومُ السَّبتِ.


(١) رواه البخاري (١٨٧٤، ١٨٧٥).
(٢) رواه البخاري (١٨٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>