للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِقَولِ ابنِ عَباسٍ : «الْفِطْرُ مِمَّا دخَل وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ» (١).

أمَّا الاحتِقانُ بالجامِدِ ففيه بَعضُ الخِلافِ:

فذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ ما يَدخُلُ إلى الجَوفِ من الدُّبُرِ بالحُقنةِ يُفطِرُ؛ لأنَّه واصِلٌ إلى الجَوفِ باختيارِه، فأشبَهَ الأكلَ (٢).

وكذلك دُخولُ طَرفِ إصبَعٍ في المَخرَجِ حالَ الاستِنجاءِ يُفطِرُ، قال الإمامُ النَّوَويُّ : لو أدخَل الرَّجلُ إِصْبَعَه أو غَيرَها في دُبُرِه، أو أدخَلت المَرأةُ إصبَعَها أو غَيرَها في دُبُرِها أو قُبُلِها، وبَقيَ البَعضُ خارِجًا، بطَل الصَّومُ باتِّفاقِ أصحابِنا (٣).

وذهَب الحَنفيَّةُ إلى أنَّ تَغَيُّبَ القُطنِ ونَحوهِ من الجَوامِدِ الجافَّةِ يُفسِدُ الصَّومَ، وعَدَمَ التَّغيُّبِ لا يُفسِدُه، كما لو بَقيَ طَرَفُه خارِجًا؛ لأنَّ عَدمَ تَمامِ الدُّخولِ كعَدمِ دُخولِ شَيءٍ بالمَرَّةِ، كإدخالِ الإصبَعِ غَيرِ المَبلولةِ، أمَّا المَبلولةُ بالماءِ والدُّهنِ فيُفسِدُه (٤).

وخَصَّ المالِكيَّةُ الإفطارَ وبُطلانَ الصَّومِ بالحُقنةِ المائِعةِ نَصًّا.

وقالوا: احترَز (خَليلٌ) بالمائِعِ عن الحُقنةِ بالجامِدِ، فلا قَضاءَ فيها، ولا في فَتائِلَ عليها دُهنٌ لِخِفَّتِها.


(١) أَخرَجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢/ ٣٠٨)، والبيهقي في «الكبرى» (١/ ١١٦)، (٤/ ٢٦١)، وقال الألبانيُّ في «الإرواء» (٢/ ٣٧٧): سندُه صحيحٌ مَوقوفٌ.
(٢) «المغني» (٤/ ١٥٧)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣١٨).
(٣) «المجموع» (٧/ ٥١٧).
(٤) «مراقي الفلاح» (٣٧٠)، وانظر: «تبيين الحقائق» (١/ ٣٢٩/ ٣٣٠)، و «الدر المختار» (٢/ ١٠٢)، و «مختصر القدوري» (٦٣)، و «الاختيار» (١/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>