وقال ابنُ رُشدٍ ﵀: وأمَّا المَسألةُ الثانيةُ وهي إذا جامَع ناسيًا لِصَومِه؛ فإنَّ الشافِعيَّ وأبا حَنيفةَ يَقولانِ: لا قَضاءَ عليه ولا كَفَّارةَ، وقال مالِكٌ: عليه القَضاءُ دونَ الكَفَّارةِ، وقالَ أحمدُ وأهلُ الظاهِرِ عليه القَضاءُ والكَفَّارةُ، وسَببُ اختِلافِهم في قَضاءِ الناسي مُعارَضةُ ظاهِرِ الأثرِ في ذلك القياسِ.
وأمَّا القياسُ فهو تَشبيهُ ناسي الصَّومِ بناسي الصَّلاةِ، فمَن شَبَّهه بناسي الصَّلاةِ أوجَبَ عليه القَضاءَ كوُجوبِه بالنَّصِّ على ناسي الصَّلاةِ.
وأمَّا الأثَرُ المُعارِضُ بظاهِرِه لِهذا القياسِ فهو ما أخرَجه البُخاريُّ ومُسلِمٌ عن أبي هُرَيرةَ قال: قال رَسولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ نَسِيَ وهو صَائِمٌ فَأَكَلَ أو شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فإنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ».
وهذا الأثَرُ يَشهَدُ به عُمومُ قَولِه ﵊:«رُفِعَ عن أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وما اسْتُكْرِهُوا عليه».
ومِن هذا البابِ اختِلافُهم فيمَن ظَنَّ أنَّ الشَّمسَ قد غَرَبت فأفطَر ثم ظهَرت الشَّمسُ بعدَ ذلك، هل عليه قَضاءٌ أو لا؟ وذلك أنَّ هذا مُخطِئٌ
(١) «المغني» (٤/ ١٨٧، ١٧٩)، و «المجموع» (٧/ ٥٣٣، ٥٣٦)، و «الهداية» (١/ ١٢٢)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٢٧، ٣٢٨)، و «مختصر القدوري» (٦٢)، و «المدونة الكبرى» (١/ ٢٠٨)، و «شرح مسلم» (٨/ ٣٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ١٤٣)، و «الاختيار» (١/ ١٤١)، و «القوانين الفقهية».