للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: المَعقولُ: وهو من وُجوهٍ:

أحَدُهما: هو أنَّ الزَّوجَ فَقيرٌ، وهو الوَصفُ الذي يَستحِقُّ به الزَّكاةَ، وإذا وُجدَ السَّببُ ثبَتَ الحُكمُ إلا بدَليلٍ يَمنَعُ ذلك، وقد وُجِد السَّببُ في الزَّوجِ وهو الفَقرُ، ولم يُوجَدْ من الكِتابِ ولا من السُّنةِ نَصٌّ يَدلُّ على أنَّه لا يَجوزُ للمَرأةِ أنْ تَدفعَ زَكاتَها لزَوجِها، والقاعِدةُ تَقولُ: «الأصلُ فيمَن يَنطبِقُ عليه وَصفُ الاستِحقاقِ أنَّه مُستحِقٌّ، وتُجزِئُ الزَّكاةُ إليه إلا بدَليلٍ»، ولا نَعلَمُ مانِعًا من ذلك إلا من كانَ إذا أَعطاها له أسقَطَ عن نَفسِه بذلك واجِبًا.

الثاني: من المُتَّفقِ عليه جَوازُ دَفعِ الزَّكاةِ للأَقاربِ الذين لا تَجبُ نَفقتُهم، ومن المَعلومِ أنَّ عِصمةَ النَّسبِ أَقوى سَببًا من عِصمةِ الزَّوجيَّةِ، فعِصمةُ النَّسبِ لا يُمكنُ قَطعُها، وعِصمةُ الزَّوجيَّةِ يُمكنُ قَطعُها، فإذا جازَ واستُحِبَّ الدَّفعُ إلى الأهلِ والأَقاربِ الذين لا تَلزَمُهم نَفقتُهم جازَ كذلك دَفعُ الزَّوجةِ زَكاتَها لزَوجِها؛ إذْ لا تَجبُ عليها نَفقتُه (١).

والثالِثُ: ما قالَه ابنُ قُدامةَ في بَيانِ وَجهِ الجَوازِ: ولأنَّه (أي: الزَّوجَ) لا تَجبُ نَفقتُه عليها، لا يُمنَعُ دَفعُ الزَّكاةِ إليه كالأجنَبيِّ، ويُفارِقُ الزَّوجةَ فإنَّ نَفقتَها واجِبةٌ عليه؛ ولأنَّ الأصلَ جَوازُ الدَّفعِ لدُخولِ الزَّوجِ في عُمومِ الأَصنافِ المُسمَّيْن في الزَّكاةِ وليسَ في المَنعِ نَصٌّ، ولا إِجماعٌ، وقِياسُه على ما ثبَتَ المَنعُ في حَقِّه غيرُ صَحيحٍ لوُضوحِ الفَرقِ بينَهما فيَبقَى جَوازُ الدَّفعِ ثابِتًا (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٨٨).
(٢) «المغني» (٣/ ٤٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>