وقالَ الإمامُ حَمدُ بنُ ناصِرِ بنِ عُثمانَ التَّميميُّ الحَنبليُّ ﵀ ونقَلَه عنه أيضًا فَضيلةُ الشَّيخِ عَطية سالِم ﵀ قالَ ﵀: إنَّ القَولَ بالقيمةِ فيه مُخالِفةٌ للأُصولِ من جِهتَينِ:
الجِهةُ الأُولى: أنَّ النَّبيَّ ﷺ لمَّا ذكَر تلك الأَصنافَ لم يَذكُرْ معها القيمةَ، ولو كانَت جائِزةً لَذكرَها مع ما ذُكِر، كما ذُكرَ العِوَضُ في زَكاةِ الإبِلِ، وهو ﷺ أشفَقُ وأرحَمُ بالمِسكينِ من كلِّ إِنسانٍ.
الجِهةُ الثانيةُ: وهي القاعِدةُ العامَّةُ، أنَّه لا يَنتقِلُ إلى البَدلِ إلا عندَ فَقدِ المُبدَلِ عنه، وأنَّ الفَرعَ إذا كانَ يَعودُ على الأصلِ بالبُطلانِ فهو باطِلٌ.
كما ردَّ ابنُ دَقيقِ العِيدِ ﵀ على الحَنابِلةِ قَولَهم:«إنَّ الأُشنانَ يُجزِئُ عن التُّرابِ في الوُلوغِ»، أي؛ لأنَّه ليسَ من جِنسِه ويَسقطُ العَملُ به.
وكذلك لو أنَّ كلَّ الناسِ أخَذوا بإِخراجِ القيمةِ لَتعطَّلَ العَملُ بالأَجناسِ المَنصوصةِ، فكأنَّ الفَرعَ الذي هو القيمةُ سيَعودُ على الأصلِ الذي هو الطَّعامُ بالإِبطالِ، فيَبطُلُ.
ومِثلُ ما يَقولُه بعضُ الناسِ اليَومَ في الهَديِ بمنًى مِثلًا بمِثلٍ، عِلمًا بأنَّ الأَحنافَ لا يُجيزونَ القيمةَ في الهَديِ؛ لأنَّ الهَديَ فيه جانِبُ تَعبُّدٍ، وهو النُّسكُ.
ويُمكنُ أنْ يُقالَ لهم أيضًا: إنَّ زَكاةَ الفِطرِ فيها جانِبُ تَعبُّدٍ فهي طُهرةٌ للصائِمِ وطُعمةٌ للمَساكينِ، كما أنَّ عَملياتِ شِرائِها ومَكيلِها وتَقديمِها فيها