للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في زَمانِ النَّبيِّ صاعًا من طَعامٍ أو صاعًا من تَمرٍ أو صاعًا من شَعيرٍ أو صاعًا من زَبيبٍ … » (١).

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : قَولُه: «كُنا نُعطِيها»، أي: زَكاةَ الفِطرِ، قَولُه: «في زَمانِ النَّبيِّ » هذا حُكمُه الرَّفعُ لإِضافَتِه إلى زَمنِه ففيه إِشعارٌ باطَّلاعِه على ذلك وتَقريرِه له، ولا سيَّما في هذه الصُّورةِ التي كانَت تُوضَعُ عندَه وتُجمَعُ بأمرِه وهو الآمِرُ بقَبضِها وتَفرقَتِها (٢).

وقالَ أبو الوَليدِ الباجيُّ المالِكيُّ : قَولُه: «كُنا نُخرجُ زَكاةَ الفِطرِ» يُلحَقُ عندَ أكثَرِ أهلِ العِلمِ بالمُسنَدِ، وهو مَذهبُ مالِكٍ والشافِعيِّ؛ لأنَّ الصَّحابيَّ إذا أخبَرَ بفِعلٍ من الشَّرعِ وأضافَ ذلك إلى زَمنِ النَّبيِّ فالظاهِرُ أنَّه أضافَهُ إلى النَّبيِّ على أنَّ هذا الحَديثِ رَواه داودُ بنُ قَيسٍ عن عِياضِ بن عبدِ اللهِ فقالَ: «كُنا نُخرِجُ إذْ كانَ فِينا رَسولُ اللهِ زَكاةَ الفِطرِ» فذكَرَه فصرَّحَ برَفعِه فإذا كانَ الأمرُ المُضافُ مما يَظهَرُ ويَتبيَّنُ ولا يَخفى مِثلُه على النَّبيِّ ولم يُنكِرْه وأقَرَّ عليه فإنَّه حُجةٌ؛ لأنَّه لا يُقرُّ على المُنكَرِ، وإِخراجُ زَكاةِ الفِطرِ يَكثرُ المُخرِجونَ لها والآخِذونَ ويَتكرَّرُ ذلك حتى إنَّه لا يُمكنُ أنْ يَخفى أمرُها عن النَّبيِّ وهو بينَ أظهُرِهم، فثبَتَ أنَّ الخبَرَ حُجةٌ وأنَّه مُسنَدٌ (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٢) «فتح الباري» (٣/ ٣٧٣)، وانظرْ: «عمدة القاري» (٩/ ١١٧).
(٣) «المنتقى» (٢/ ٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>