للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّليلُ الثالِثُ:

ما قالَه ابنُ العَربيِّ المالِكيُّ : أنَّ التَّكليفَ والابتِلاءَ بإِخراجِ الزَّكاةِ ليسَ بنَقصِ الأَموالِ فقط -كما فهِمَ أبو حَنيفةَ- فإنَّ هذا ذُهولٌ عن التَّوفيةِ لحَقِّ التَّكليفِ في تَعيينِ الناقِصِ وأنَّ ذلك يُوازِي التَّكليفَ في قَدرِ الناقِصِ فإنَّ المالِكَ يُريدُ أنْ يَبقى مِلكُه بحالِه ويُخرِجُ من غيرِه عنه، فإذا مالَتْ نَفسُه إلى ذلك وعُلِّقت به كانَ التَّكليفُ قَطعَ تلك العَلاقةِ التي هي بينَ القَلبِ وبينَ ذلك الجُزءِ من المالِ، فوجَبَ إِخراجُ ذلك الجُزءِ بعَينِه.

الدَّليلُ الرابِعُ:

أنَّ النَّبيَّ عيَّنَ الزَّكاةَ من أَجناسٍ مُختلِفةٍ وقِيَمُها مُختلِفةٌ غالِبًا، فلو كانَت القيمةُ مُعتبَرةً لَكانَ الواجِبُ صاعًا من جِنسٍ، وما يُقابِلُ قيمَتَه من الأَجناسِ الأُخرى.

قالَ النَّوويُّ : إنَّه ذكَرَ أشياءَ قِيَمُها مُختلِفةٌ وأوجَبَ في كلِّ نَوعٍ منها صاعًا، فدَلَّ على أنَّ المُعتبَرَ صاعٌ، ولا نظَرَ إلى قيمَتِه (١).

الدَّليلُ الخامِسُ:

وهو أنَّ إِخراجَ القيمةِ مُخالِفٌ لِما كانَ عليه العَملُ في زَمانِ النَّبيِّ والصَّحابةِ حيثُ كانوا يُخرِجونَها صاعًا من طَعامٍ، وذلك لِما رَواه البُخاريُّ عن أبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ قالَ: «كُنا نُعطِيها


(١) «شرح مسلم» (٧/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>