للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ الشَّوكانيُّ : قد استدَلَّ بهذا الحَديثِ مَنْ قالَ: تَجبُ الزَّكاةُ من العَينِ ولا يُعدَلُ عنها إلى القيمةِ إلا عندَ عَدمِها وعَدمِ الجِنسِ … والحَقُّ أنَّ الزَّكاةَ واجِبةٌ من العَينِ لا يُعدَلُ عنها إلى القيمةِ إلا لِعُذرٍ (١).

قالوا: ولأنَّ الزَّكاةَ فُرضَت دَفعًا لِحاجةِ الفَقيرِ، وحاجاتُه مُتنوِّعةٌ، فيَنبَغي أنْ يَتنوَّعَ الواجِبُ ليَتنوَّعَ ما يَصلُ إليه، ووجَبَت شُكرًا لنِعمةِ المالِ، ويَحصلُ ذلك بالمُواساةِ ممَّا أنعَمَ اللَّهُ به عليه.

ولأنَّ الزَّكاةَ قُربةٌ للَّهِ تَعالى، وما كانَ كذلك فسَبيلُه الاتِّباعُ، ولو جازَتِ القيمةُ لَبيَّنَها النَّبيُّ (٢).

إلا أنَّ ابنَ التُّركمانِيِّ قالَ في الجَوهَرِ النَّقيِّ بعدَما ساقَ هذا الحَديثَ قالَ: والمَقصودُ من الزَّكاةِ سَدُّ خَلةِ المُحتاجِ والقيمةُ في ذلك تَقومُ مَقامَ تلك الأَجناسِ، فوجَبَ أنْ تَجوزَ عنها، وهذا كما عيَّنَ الأَحجارَ لِلاستِنجاءِ ثم اتَّفقَ الجَميعُ على جَوازِه بالخرَقِ والخَشبِ ونَحوِها لحُصولِ الاتِّقاءِ بها كما يَحصلُ بالأَحجارِ، وإنَّما عيَّنَ تلك الأَجناسَ في الزَّكاةِ تَسهيلًا على أَربابِ الأَموالِ كما مَرَّ؛ لأنَّ كلَّ ذي مالٍ إنَّما يَسهُلُ عليه الإِخراجُ من نَوعِ المالِ الذي عندَه كما جاءَ في بعضِ الآثارِ أنَّه جعَلَ في الدِّيةِ على أهلِ الحُللِ حُللًا (٣).


(١) «نيل الأوطار» (٤/ ٢١٦).
(٢) «المغني» (٤/ ٤٤)، و «المجموع» (٥/ ٣٨٥).
(٣) «الجوهر النقي» (٤/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>