للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليسَت مُخرَجةً، وإنَّما يَتعذَّرُ بها البَدلُ المُخرَجُ، ألَا تَراه يُقوِّمُ الجَزاءَ دَراهمَ ثم تُصرَفُ الدَّراهمُ في طَعامٍ ولا تُخرَجُ الدَّراهِمُ، ولأنَّ الزَّكاةَ تَشتمِلُ على مُقدَّرٍ مَأخوذٍ وهو الزَّكاةُ، ومُقدَّرٍ مَتروكٍ وهو النِّصابُ، فلمَّا ثبَتَ أنَّ القَدرَ المَتروكَ لا يَقومُ مَقامَه ما كانَ في مَعناه، وهو أنْ يَكونَ معه أربَعةٌ من الإبِلِ ثَنايا تُساوي خَمسًا من الإبِلِ دونَ الثَّنايا وجَبَ أنْ يَكونَ المِقدارُ المَأخوذُ لا يَقومُ مَقامَه ما كانَ في مَعناه.

وتَحريرُ ذلك قياسًا أنَّه أحَدُ مُقدِّري الزَّكاةِ، فوجَبَ ألَّا يُقيمَ غيرَه مَقامَه، وإنْ كانَ في مَعناه كالنِّصابِ؛ ولأنَّ الزَّكاةَ تَشتمِلُ على مالٍ مُزكًّى وقَدرٍ مُؤدًّى، فلمَّا كانَ المالُ المُزكَّى مَخصوصًا في بعضِ الأَموالِ دونَ بَعضٍ وجَبَ أنْ يَكونَ القَدرُ المُؤدَّى مَخصوصًا في بعضِ الأَموالِ دونَ بعضٍ.

وتَحريرُ ذلك قِياسًا أنَّه أحَدُ نَوعَيِ الزَّكاةِ، فوجَبَ أنْ يَكونَ في مالٍ مَخصوصٍ كالمالِ المُزكَّى، فأمَّا الجَوابُ عن قَولِه: «أَغْنوهُم عن المَسأَلةِ في مثلِ هذا اليَومِ» فهو مُجمَلٌ؛ لأنَّه لم يَذكُرْ قَدرَ ما يَستغنونَ به ولا جِنسَه، وقد رَواه ابنُ عُمرَ مُفسَّرًا، فكانَ الأخذُ به أَوْلى.

وأمَّا الاحتِجاجُ بقَولِه: «فإنْ لَم تَكنِ ابنَةُ مَخاضٍ فابنُ لَبونٍ ذَكرٌ»، فهو دِلالةٌ عليهم من وَجهَينِ ذكَرْناهما.

وأمَّا احتِجاجُهم بحَديثِ مُعاذٍ فلا دِلالةَ فيه؛ لأنَّه وارِدٌ في الجِزيةِ لا في الزَّكاةِ، ألَا تَرى أنَّ رَسولَ اللهِ أمَرَه أنْ يَأخذَ في الزَّكاةِ من الحَبِّ حَبًّا، ثم عقَّبَ ذلك بالجِزيةِ فقالَ: «خُذْ من كلِّ حالِمٍ دِينارًا، أو عَدلَه

<<  <  ج: ص:  >  >>